للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنص إن أوهم غير اللائق

بالله كالتشبيه بالخلائق

فاصرفه عن ظاهره إجماعاً

واقطع عن الممتنع الأطماعا"١ ٢.

وقد ردّ -رحمه الله- على هذه الدعوى رداً مقنعاً مفحما، حيث قال: "وهذه الدعوى الباطلة من أعظم الافتراء على آيات الله تعالى وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم. والواقع في نفس الأمر أن ظواهر آيات الصفات وأحاديثها المتبادرة منها لكل مسلم راجع عقله هي مخالفة صفات الله لصفات خلقه. ولا بد أن نتساءل هنا فنقول: أليس الظاهر المتبادر مخالفة الخالق للمخلوق في الذات والصفات والأفعال؟ والجواب الذي لا جواب غيره: بلى. وهل تشابهت صفات الله مع صفات خلقه حتى يقال إن اللفظ الدال على صفته تعالى ظاهره المتبادر منه تشبيهه بصفة الخلق؟ والجواب الذي لا جواب غيره: لا، فبأي وجه يتصور عاقل أن لفظاً أنزله الله في كتابه مثلاً دالاً على صفة من صفات الله أثنى بها تعالى على نفسه يكون ظاهره المتبادر منه مشابهته لصفة الخلق؟ سبحانك هذا بهتان عظيم؛ فالخالق والمخلوق متخالفان كل التخالف، وصفاتهما متخالفة كل التخالف، فبأي وجه يعقل دخول صفة المخلوق في اللفظ الدال على صفة الخالق؟ أو دخول صفة الخالق في اللفظ الدال على صفة المخلوق مع كمال المنافاة بين الخالق والمخلوق؟ فكل لفظ دل على صفة الخالق ظاهره المتبادر منه أن يكون لائقاً بالخالق منزهاً عن مشابهة صفات المخلوق. وكذلك اللفظ الدال على صفة المخلوق لا يعقل أن تدخل فيه صفة الخالق" ٣.

ثم بين -رحمه الله- هذا التفصيل في الفرق بين صفات الله وصفات خلقه بمثال يوضح به أن الظاهر المتبادر من صفات الله هو كما يليق بجلاله، لا يشابه صفة المخلوقين؛ قال -رحمه الله-: "فالظاهر المتبادر من لفظ اليد بالنسبة للمخلوق هو كونها جارحة هي عظم ولحم ودم، وهذا هو الذي


١ إضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة، مع شرحها ص١٤٨، ط الأولى، عام١٣٧٧?.
٢ أضواء البيان ٧/٤٤٣.
٣ أضواء البيان ٧/٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>