للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم يأكلون ويشربون ويتناسلون، ولهم ذرية؛ قال تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} ١. وهم يفنون ويموتون مثل الإنس، قال صلى الله عليه وسلم: "والجن والإنس يموتون "٢.

وقد اختلف في إبليس؛ هل خلق من جنس الملائكة، أم من الجن؟ فتطرق الشيخ الأمين –رحمه الله- إلى ذكر هذين القولين، مع أدلة كل منهما؛ فقال -رحمه الله-: " وحجة من قال إن أصله ليس من الملائكة أمران؛ أحدهما: عصمة الملائكة من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس، كما قال تعالى عنهم: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ٣، وقال تعالى: {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} ٤. الثاني: أن الله صرح في هذه الآية الكريمة بأنه من الجن، والجن من غير الملائكة؛ قالوا: وهو نص قرآني في محل النزاع. واحتج من قال إنه ملك في الأصل بما تكرر في الآيات القرآنية من قوله: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} ٥، قالوا: فإخراجه بالاستثناء من لفظ الملائكة دليل على أنه منهم. وقال بعضهم: والظواهر إذا كثرت صارت بمنزلة النص، ومن المعلوم أن الأصل في الاستثناء الاتصال، لا الانقطاع، قالوا: ولا حجة لمن خالفنا في قوله تعالى: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} ٦؛ لأن الجن قبيلة من الملائكة، خلقوا من بين الملائكة من نار السموم؛ كما روى ابن عباس. والعرب تعرف في لغتها إطلاق الجن على الملائكة، ومنه قول الأعشى في سليمان بن داود:

وسخر من جن الملائك تسعة

قياما لديه يعملون بلا أجر

قالوا: ومن إطلاق الجن على الملائكة قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ


١ سورة الكهف، الآية [٥٠] .
٢ أخرجه البخاري ٨/١٦٧.
٣ سورة التحريم، الآية [٦] .
٤ سورة الأنبياء، الآية [٢٧] .
٥ سورة الحجر، الآية [٣٠] . وسورة ص، الآية [٧٣] .
٦ سورة الكهف، الآية [٥٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>