للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي، إلا أن الولي أفضل من النبي، كما قال قائلهم:

مقام النبوة في برزخ

فويق الرسول ودون الولي "١.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلمة تتعلق بمسألتنا هذه، قال فيها -رحمه الله-: "فلفظ الشرع والشريعة إذا أريد به الكتاب والسنة لم يكن لأحد من أولياء الله ولا لغيرهم أن يخرج عنه، ومن ظن أن لأحد من أولياء الله طريقاً إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً، فلم يتابعه باطناً وظاهراً فهو كافر. ومن احتج في ذلك بقصة موسى مع الخضر كان غالطاً من وجهين، أحدهما: أن موسى لم يكن مبعوثاً إلى الخضر، ولا كان على الخضر اتباعه، فإن موسى كان مبعوثاً إلى بني إسرائيل، وأما محمد صلى الله عليه وسلم فرسالته عامة لجميع الثقلين، الجن والأنس، ولو أدركه من هو أفضل من الخضر كإبراهيم وموسى وعيسى، وجب عليهم اتباعه، فكيف بالخضر سواء كان نبياً أو ولياً. ولهذا قال الخضر لموسى: "أنا على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه"٢، وليس لأحد من الثقلين الذين بلغتهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول مثل هذا.

الثاني: أن ما فعله الخضر لم يكن مخالفاً لشريعة موسى عليه السلام، وموسى لم يكن علم الأسباب التي تبيح ذلك، فلما بينها له وافقه على ذلك"٣.


١ الزهر النضر في نبأ الخضر، لابن حجر ص٢٧.
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل ١٠/٢٠٤: أن البيت المذكور لابن عربي، وفي لطائف الأسرار لابن عربي ص٤٦، ط دار الفكر العربي، ١٣٨٠?.ونصه:
سماء النبوة في برزخ
دوين الولي وفوق الرسول
وانظر الفتوحات الكلية ٢/٣٥٢ بألفاظ مغايرة.
٢ رواه البخاري في الصحيح ٤/١٢٨. ومسلم في الصحيح ٤/١٨٤٧.
٣ الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص١٤١-١٤٢، وانظر: الفتاوى ٢/٢٣٢-٢٣٤، ١١/٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>