للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِك} الآية١. والآيات والأحاديث بمثل هذا كثيرة جداً ... وبذلك تعلم أن ما يدعيه كثير من الجهلة المدعين للتصوف من أن لهم ولأشياخهم طريقاً باطنة توافق الحق عند الله، ولو كانت مخالفة لظاهر الشرع، كمخالفة ما فعله الخضر لظاهر العلم الذي عند موسى –زندقة وذريعة إلى الانحلال بالكلية من دين الإسلام بدعوى أن الحق في أمور باطنة تخالف ظاهره"٢.

وهكذا يتضح موقف الشيخ الأمين -رحمه الله- من هذه المسألة الخطيرة؛ حيث حشد الأدلة الكثيرة الدالة على نبوة الخضر عليه السلام، وتعقب ما أثاره المتصوفة من الضلالات والانحرافات بالهدم وبين بالحجة تهافت أدلتهم، وما استغلوه من الحكايات والروايات الضعيفة والموضوعة في إثبات حجتهم المفضية إلى التزندق والخروج من ملة الإسلام.

فمشاركة الشيخ الأمين -رحمه الله- لعلماء الأمة مشاركة بارزة، تدل على رسوخ موقفه في الذود عن حياض العقيدة الصافية، وهكذا كان رأي العلماء المخلصين؛ منهم الحافظ ابن حجر٣ -رحمه الله- الذي قال: "وكان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقدة تحل من الزنادقة٤ اعتقاد كون الخضر نبياً؛


١ سورة طه، الآية [١٣٤] .
٢ أضواء البيان ٤/١٥١-١٦٠.
٣ هو الحافظ أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني المصري. من كبار المحدثين، وصاحب التصانيف الكثيرة المشهورة، منها فتح الباري شرح صحيح البخاري. وتوفي سنة (٨٥٢?) . (انظر: شذرات الذهب ٧/٢٧٠) .
٤ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "لفظ الزنادقة لا يوجد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، كما لا يوجد في القرآن. وهو لفظ أعجمي معرب من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام. وقد تكلم به السلف والأئمة في توبة الزنديق ونحو ذلك. والزنديق الذي تكلم الفقهاء في قبول توبته –في الظاهر المراد به عندهم- المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وإن كان من ذلك يصلي ويصوم ويحج ويقرأ القرآن، وسواء كان في باطنه يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً أو وثنياً، وسواء كان معطلاً للصانع وللنبوة، أو للنبوة فقط، أو لنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم فقط: فهذا زنديق، وهو منافق. وما في القرآن والسنة من ذكر المنافقين يتناول مثل هذا بإجماع المسلمين". (نقلاً عن لوامع الأنوار البهية ١/٣٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>