للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} ١، وبخبر: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله "٢كله باطل لا يعول عليه لعدم اعتضاده بدليل، وغير المعصوم لا ثقة بخواطره؛ لأنه لا يأمن دسيسة الشيطان. وقد ضمنت الهداية في اتباع الشرع، ولم تضمن في اتباع الخواطر والإلهمات. والإلهام في الاصطلاح: إيقاع شيء في القلب يثلج له الصدر من غير استدلال بوحي ولا نظر في حجة عقلية، يختص الله به من يشاء من خلقه. أما ما يلهمه الأنبياء مما يلقيه الله في قلوبهم فليس كإلهام غيرهم؛ لأنهم معصومون بخلاف غيرهم. قال في مراقي السعود في كتاب الاستدلال٣:

وينبذالإلهام بالعراء

أعني به إلهام الأولياء

وقد رآه بعض من تصوفا

وعصمة النبي توجب اقتفاء

وبالجملة: فلا يخفى على من له إلمام بمعرفة دين الإسلام أنه لا طريق تعرف بها أوامر الله ونواهيه، وما يتقرب إليه به من فعل وترك إلا عن طريق الوحي. فمن ادعى أنه غني في الوصول إلى ما يرضي ربه عن الرسل، وما جاؤوا به ولو في مسألة واحدة، فلا شك في زندقته. والآيات والأحاديث الدالة على هذا لا تحصى، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} ٤، ولم يقل حتى نلقي في القلوب إلهاماً. وقال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} ٥، وقال: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا


١ سورة الأنعام، الآية [١٢٥] .
٢ أخرجه الترمذي ٥/٢٩٨، رقم ٣١٢٧. وقال الشيخ الألباني: ضعيف. (انظر: الأحاديث الضعيفة ٤/٢٩٩، رقم ١٨٢١) .
٣ انظر شرح مراقي السعود على أصول الفقه ص٢٨٨.
٤ سورة الإسراء، الآية [١٥] .
٥ سورة النساء، الآية [١٦٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>