للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ومما يستأنس به للقول بنبوته تواضع موسى عليه الصلاة والسلام له في قوله: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} ١، وقوله: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} ٢، مع قول الخضر له: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً} ... "٣ ٤.

وبعد أن أيد -رحمه الله- القول بنبوة الخضر عليه السلام بالأدلة الواضحة، تطرق إلى مسألة خطيرة لها مؤيدوها وتابعوها، ألا وهي مسألة كون الولي يجوز له الخروج عن الطريقة المحمدية بطريقة الإلهام، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليهما السلام –بزعمهم-. وقد ناقش الشيخ الأمين -رحمه الله- هذه المسألة مناقشة علمية رصينة، مبيناً تهافت هذه المسألة وسقوط أدلتها، وقد وصفها بأنها مؤامرة خطيرة للانخلاع من دين الإسلام، وفتح باب الشر، وتبرير عمل الزنادقة.

وقد بدأ الشيخ الأمين -رحمه الله- مناقشته لأصحاب هذا المبدأ الهدام بطرح سؤال على ألسنة أصحاب هذا القول؛ فحواه أن علم الخضر كان عن طريق الإلهام، وأجاب عليه -رحمه الله- بقوله: "فالجواب: أن المقرر في الأصول أن الإلهام من الأولياء لا يجوز الاستدلال به على شيء لعدم العصمة، وعدم الدليل على الاستدلال به، بل ولوجود الدليل على عدم الاستدلال به. وما يزعمه بعض المتصوفة من جواز العمل بالإلهام في حق الملهم وغيره، جاعلين الإلهام كالوحي المسموع، مستدلين بظاهر قوله


١ سورة الكهف، الآية [٦٦] .
٢ سورة الكهف، الآية [٦٩] .
٣ سورة الكهف، الآية [٨٦] .
٤ أضواء البيان ٤/١٦٢، وممن قال بنبوته: الإمام القرطبي، (انظر: الجامع لأحكام القرآن ١١/١٢-١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>