للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقرب مجيئها؛ لأنه من أشراطها الدالة على قربها"١.

وقد تطرق الأمين -رحمه الله- عند ذكره لنزول عيسى عليه السلام إلى شبهة يعتقدها من لا تحقيق عندهم بزعمهم أنّ عيسى قد توفي٢، مثل اعتقاد ضلال اليهود والنصارى. ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ٣، وبقوله تعالى: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} ٤. وقد رد -رحمه الله- هذا الفهم، وبين أنه لا دلالة في الآيتين على أن عيسى عليه السلام قد توفي.

وقد استعان الشيخ الأمين –رحمه الله-، في ردّ مفهومهم بعلوم اللغة أثناء تفسيره لهاتين الآيتين، وذكر اختلاف أهل الأصول في الحقيقة اللغوية والحقيقة العرفية. وقد أطال -رحمه الله- في تقرير ذلك.

وخلاصة كلامه -رحمه الله- أنه جعل لقوله تعالى: {إني متوفيك} أربعة توجيهات للمراد بالوفاة، كلها تنفي مزاعم من قال بوفاته عليه السلام، وقد بين هذه التوجيهات بقوله: "الأول: إنّ قوله تعالى: {متوفيك} لايدلّ على تعيين الوقت، ولايدلّ على كونه قد مضى. وهو متوفيه قطعاً يوماً ما، ولكن لا دليل على أنّ ذلك اليوم قد مضى. وأما عطفه: {ورافعك إليّ} على قوله: {متوفيك} فلا دليل فيه؛ لإطباق جمهور أهل اللسان العربي على أنّ الواو لاتقتضي الترتيب ولا الجمع، وإنما تقتضي مطلق التشريك"٥.


١ أضواء البيان ٧/٢٦٣.
٢ انظر كلام الشيخ محمد عبده في تفسير المنار ٣/٣١٦-٣١٧، والشيخ محمود شلتوت في الفتاوى ص٥٩-٨٢؛ حيث أنكرا رفع عيسى ببدنه، ونزوله في آخر الزمان، وقالا عن الأحاديث: إنها أحاديث آحاد.
٣ سورة آل عمران، الآية [٥٥] . .
٤ سورة المائدة، الآية [١١٧] .
٥ دفع إيهام الاضطراب –الملحق بالأضواء ١٠/٥١-.

<<  <  ج: ص:  >  >>