للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الآية الثانية، وهي قوله تعالى: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} : فقد نفى الشيخ الأمين -رحمه الله- دلالتها على موت عيسى عليه السلام من وجهين، فقال -رحمه الله-:

"الأول منهما: أنّ عيسى يقول ذلك يوم القيامة، ولاشك أنه يموت قبل يوم القيامة؛ فإخباره يوم القيامة بموته لايدلّ على أنه الآن قد مات كما لا يخفى.

والثاني منهما: أنّ ظاهر الآية أنه توفي رفع وقبض للروح والجسد، لا توفي الموت. وإيضاح ذلك: أنّ مقابلته لذلك التوفي بالديمومة فيهم، في قوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} الآية١ تدل على ذلك؛ لأنه لو كان توفي موتاً لقال: ما دمت حياً، فلما توفيتني؛ لأنّ الذي يقابل بالموت هو الحياة؛ كما في قوله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} ٢. أما التوفي المقابل بالديمومة فيهم فالظاهر أنه توفي انتقال عنهم إلى موضع آخر. وغاية ما في ذلك هو حمل اللفظ على حقيقته اللغوية مع قرينة صارفة عن قصد العرفية. وهذا لا إشكال فيه"٣.

وفي الختام، يقول -رحمه الله-: "والحاصل أن القرآن العظيم على التفسير الصحيح، والسنة المتواترة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كلاهما دالّ على أنّ عيسى حيّ، وأنه سينزل في آخر الزمان، وأنّ نزوله من علامات الساعة، وأنّ معتمد الذين زعموا أنهم قتلوه، ومن تبعهم هو: إلقاء شبهه على غيره، واعتقادهم الكاذب أنّ ذلك المقتول الذي هو شبه بعيسى هو عيسى"٤.


١ سورة المائدة، الآية [١١٧] .
٢ سورة مريم، الآية [٣١] .
٣ أضواء البيان ٧/٢٧١-٢٧٢. وانظر المصدر نفسه ١/٣٤٢. ٧/٢٦٣-٢٧٥. ودفع إيهام الاضطراب –الملحق بالأضواء ١٠/٥٠-٥٢.
٤ أضواء البيان ٧/٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>