الوهابية، هل هم كما يقال؟ فقال له الشيخ محمد بن عبد الله:"مثلك لا يسأل هذا السؤال"؛ فهؤلاء يرون أنهم حاملون لواء الإسلام، ولاسيما في العقيدة، وأنه هو - يعني الشيخ محمد الأمين - عالم جليل قادر على الردّ والبحث والأخذ والعطاء معهم، فيجب عليه أن يجتمع مع علمائهم، ويطلع بنفسه على ما عندهم. وإنه هو - يعني نفسه - قادر على جمعه بهم. فوافق الشيخ محمد الأمين على ذلك بعد قدومه المدينة من مكة. ثمّ أخبر الشيخ محمد عبد الله القاضي عبد الله بن زاحم - رحمه الله -، فاجتمع مع الشيخ، وسأله القاضي:"ماذا تسمع عنا؟ فقال الشيخ محمد الأمين: بعض الناس يثني عليكم، وبعضهم يقدح. فقال له: وأيهم أكثر؟ فقال: القادحون أكثر. فقال القاضي للشيخ محمد الأمين: ما عندنا كالتالي: نحن لا نتعلق بمخلوق دون الله، وعلى مذهب الإمام أحمد شريطة أن لا يخالف الكتاب والسنة، ونخطئ من يؤول صفات الله عزّ وجلّ. فقال له الشيخ محمد الأمين وأنا مثلكم في هذا؛ فإني لا أؤول الصفات".وألقى محاضرة في الصفات في بيت القاضي أيام مجيئه، فدلّ ذلك بقرينة واضحة أنه على معتقد أهل السنة والجماعة.
وقال لي الشيخ محمد الأمين وأنا أكتب معه أضواء البيان في مبحث:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ١ بسورة محمد، وأخبرته بما قال لي الشيخ محمد بن عبد الله، فصدقني، وقال هذه المحاضرة هي التي جعلتها في أضواء البيان في سورة الأعراف، وفي سورة محمد جزء منها، فدلّ ذلك على أنّ حصيلته العلمية العقدية في الصفات لم تتغير، وأنه كان من أهل السنة والجماعة، ولو كانت جديدة عليه ما ألقاها في أول جلساته في المدينة مع العلماء.