للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر الشيخ -رحمه الله- الجواب عن هذا الإشكال، دافعا التعارض، ونافيا التوهم، ومبينا أنّ هذه الآيات يمكن أن تحمل على أحد ثلاثة أوجه؛ فقال مبينا هذه الأوجه:

أحدهما: أنّ قوله تعالى: {إِلاّ مَا شَاءَ اللَّهُ} ١؛ معناه: إلا ما شاء الله عدم خلوده فيها من أهل الكبائر من الموحدين. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنّ بعض أهل النار يخرجون منها، وهم أهل الكبائر من الموحدين. ونقل ابن جرير هذا القول عن قتادة٢، والضحاك٣، وأبي سنان٤، وخالد بن معدان٥، واختاره ابن جرير. وغاية ما في هذا القول: إطلاق "ما"، وإرادة "من"، ونظيره في القرآن: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ٦.

الثاني: أنّ المدة التي استثناها الله هي المدة التي بين بعثهم من قبورهم واستقرارهم في مصيرهم قاله ابن جرير أيضا.

الوجه الثالث: أنّ قوله: {إِلاّ مَا شَاءَ اللَّهُ} ٧فيه إجمال، وقد جاءت الآيات والأحاديث الصحيحة مصرحة بأنهم خالدون فيها أبدا، وظاهرها أنه خلود لا انقطاع له. والظهور من المرجحات، فالظاهر مقدم على المجمل كما تقرر في الأصول"٨.


١ سورة الأنعام، الآية [١٢٨] .
٢ تقدمت ترجمته.
٣ هو الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبومحمد؛ صاحب التفسير تابعي جليل. توفي سنة (١٠٢?) .
انظر: سير أعلام النبلاء ٤/٥٩٨. والبداية والنهاية ٩/٢٣١) .
٤ هو ضرار بن مرة الكوفي الشيباني. إمام ثقة فاضل. توفي سنة (١٣٢?) . (تهذيب التهذيب ٤/٤٥٧) .
٥ هو الإمام أبوعبد الله خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي الحمصي. تابعي جليل، شيخ أهل الشام. توفي سنة (١٠٣?) .
(انظر: سير أعلام النبلاء ٤/٥٣٦. والبداية والنهاية ٩/٢٣٩) .
٦ سورة النساء، الآية [٣] .
٧ سورة الأنعام، الآية [١٢٨] .
٨ دفع إيهام الاضطراب-الملحق بالأضواء ١٠/١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>