للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي موضع آخر قال في الجمع بين هذه الآيات: "والجواب الحقّ أنّ أهل النار الكفرة خالدون فيها خلودا لا انقطاع له البتة.

"والاستثناء بالمشيئة كما صرح به في أهل النار صرح به كذلك في أهل الجنة، مع أنه لا يقول أحد ممن يقول بانقطاع النار بانقطاع الجنة؛ كما قال تعالى هنا في سورة هود: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلاّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} ١؛ وهذه المشيئة مجملة، لم نعرف ما أخرجته. والأدلة المنفصلة وضحت أنّ المشيئة اقتضت الخلود الأبدي؛ كما قال تعالى في أهل الجنة: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} ٢، وقال تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ٣، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} ٤، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} ٥، وقال تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} ٦، وقال تعالى: {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} ٧، والفعل بعد كلما يتكرر بتكررها: فمن ادعى خبوة للنار نهائية تفنى بها ليس بعده سعير، يردّ عليه بهذه الآية. ولو قيل للعبد: كلما جاء أحد أكرمه لزمه ذلك، ولا حقّ له أن يتعذر بأنه لم يفهم التكرار"٨.


١ سورة هود، الآية [١٠٨] .
٢ سورة ص، الآية [٥٤] .
٣ سورة النحل، الآية [٩٦] .
٤ سورة الزخرف، الآيتان [٧٤-٧٥] .
٥ سورة الفرقان، الآية [٦٥] .
٦ سورة البقرة، الآية [١٦٢] .
٧ سورة الإسراء، الآية [٩٧] .
٨ معارج الصعود ص٢٥٥، هذا ولم يشر الشيخ -رحمه الله- إلى الوجهين السابقين، مما يدلّ على أنّ الوجه الثالث هو الراجح عنده، فاقتصر على ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>