للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما قوله تعالى: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} ١: فليست دالة على فناء النار كما زعم من قال بفنائها، وقد ذكر الشيخ الأمين أنها لا تدلّ على ذلك من عدة أوجه، أظهر هذه الأوجه عنده بينه في قوله: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} : متعلق بما بعده؛ أي لابثين فيها أحقابا في حال كونهم لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، فإذا انقضت تلك الأحقاب عذبوا بأنواع أخر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق. ويدلّ لهذا تصريحه تعالى بأنهم يعذبون بأنواع أخر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق في قوله: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} ٢ ٣، أما مناقشته -رحمه الله- لمن قال بفناء النار: فقد أورد عليهم -رحمه الله- بالتقسيم والسبر خمس حالات تكون عليها النار، ويكون عليها أهلها، ثمّ أجاب عن أربع حالات منها بما يدلّ على بطلانها مؤيدا إجابته بآيات قرآنية؛ فقال -رحمه الله-: "إنّ المقام لا يخلو من إحدى خمس حالات بالتقسيم الصحيح، وغيرها راجع إليها:

الأولى: أن يقال بفناء النار، وأنّ استراحتهم من العذاب بسبب فنائها.

الثانية: أن يقال إنهم ماتوا وهي باقية.

الثالثة: أن يقال إنهم أخرجوا منها وهي باقية.

الرابعة: أن يقال إنهم باقون فيها إلا أنّ العذاب يخفّ عليهم، وذهاب العذاب رأسا واستحالته لذة فاكتفينا به لدلالة نفيه على نفيهما.

وكل هذه الأقسام الأربعة يدل القرآن على بطلانه"٤.

وقد أجاب -رحمه الله- على الحالة الأولى بقوله: "أما فناؤها: فقد نصّ تعالى على عدمه بقوله: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} ٥.


١ سورة النبأ، الآية [٢٣] .
٢ سورة ص، الآيتان [٥٧-٥٨] .
٣ دفع إيهام الاضطراب-الملحق بالأضواء ١٠/٣٠٧.
وانظر معارج الصعود ص٢٥٦؛ فقد ذكر فيه الشيخ الأمين –رحمه الله- هذا الوجه فقط.
٤ دفع إيهام الاضطراب (الملحق بالأضواء ١٠/١٢٤) .
٥ سورة الإسراء، الآية [٩٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>