للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالظاهر أنّ الوعيد الذي يجوز إخلافه وعيد عصاة المؤمنين؛ لأنّ الله بين ذلك بقوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} ١"٢.

وفي آخر هذا المبحث أجاب -رحمه الله- عن شبهة للملاحدة؛ وهي قولهم: "لاشك أنّ ربكم في غاية الإنصاف والعدل، ولكن يشكل عليه الجواب على هذا السؤال، وهو: كيف يكون عصيان الكافر في مدة قليلة جدا، وعذابه يستمر إلى ما لانهاية، مع أنّ مقتضى العدل أن يعذب بقدر ما عصى؟ فأين الإنصاف وأين العدل؟!) ،٣؛ فقال -رحمه الله-: (والجواب أنّ سبب هذا الاستمرار هو ملازمة الخبث لذلك الكافر دائما، وعدم مفارقته له في أيّ حال من الأحوال؛ فهو منطو عليه لا يزول، وباستمرار السبب الذي هو الخبث استمر المسبب الذي هو العذاب. والدليل على استمرار خبثه: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} ٤؛ فبديمومة السبب الذي هو الكفر دام المسبب الذي هو العذاب"٥.

وقال الشيخ الأمين –رحمه الله- في موضع آخر: "ولا غرابة في ذلك؛ لأنّ خبثهم الطبيعي دائم لا يزول، فكان جزاؤهم دائما لا يزول. والدليل على أنّ خبثهم لايزول: قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ} الآية٦. فقوله: "خيرا" نكرة في سياق الشرط؛ فهي تعمّ، فلو كان فيهم خير ما في وقت لعلمه الله ... وعذاب الكفار للإهانة والانتقام، لا


١ سورة النساء، الآية [١١٦] .
٢ دفع إيهام الاضطراب ١٠/١٢٧. وانظر معارج الصعود ص٢٥٦.
٣ معارج الصعود ص٢٥٨.
٤ سورة الأنعام، الآيتان [٢٧-٢٨] .
٥ معارج الصعود ص٢٥٨.
٦ سورة الآنفال، الآية [٢٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>