للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشكال، وتوضيح

في آخر هذا المبحث أورد إشكالا طرحه الشيخ الأمين -رحمه الله- بطريقة سؤال وجواب، ولأهميته أسوقه كما أورده:

قال -رحمه الله- عند تفسير قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} ١:

"وهنا يرد إشكال يسأل عنه طالب العلم؛ وهو: ما المانع من جعل الناس أمة واحدة؛ إما مهتدين على دين واحد، وإما كفارا كلهم؟ وما الحكمة في جعلهم مختلفين؟. والجواب: أنّ ربّ السموات والأرض غنيّ غنى مطلقا بذاته، خلق الخلق لتظهر فيهم أسرار أسمائه وصفاته، وعلامات ملكه وسلطنته وقهره. ومن صفاته تعالى ما يدلّ على الرحمة والرأفة والشفقة، ومنها ما يدلّ على العزة والقهر والجبروت والغلبة؛ فلو جعل الناس كلهم مهتدين لما ظهر للخلق كمال الإنصاف والعدل، ولما ظهر للناس شدة قهره وجبروته. ولو جعلهم كلهم كفارا لما ظهر للناس آثار رحمته ورأفته وعطفه وجوده وإحسانه. ولهذا هدى الله تعالى قوما وطبعهم على الطيب من الأعمال، وصرف نياتهم إلى ما سبق به الأزل لهم من الخير؛ لتظهر فيهم آثار أسمائه الدالة على الرحمة وغيرها من صفات الإحسان والجود والكرم. وخلق آخرين وطبعهم على الخبث، وصرف نياتهم إلى ما كتب لهم في الأزل وفي سابق علمه من الشقاء؛ لتظهر فيهم آثار قدرته، وشدة بطشه، وكمال عدله وإنصافه"٢.

ولابن أبي العزّ الحنفي -رحمه الله- كلام قريب من هذا الكلام بين فيه الإمام ابن أبي العز -رحمه الله- بعض الحكم من خلق الخير والشرّ


١ سورة هود، الآية [١١٨] .
٢ معارج الصعود ص٢٩٤-٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>