للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح من حديث وفد عبد القيس١. والأحاديث بمثل ذلك كثيرة. ومن أصرحها في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " الإيمان بضع وسبعون –وفي بعض الروايات الثابتة في الصحيح- وستون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" ٢؛ فقد سمى صلى الله عليه وسلم "إماطة الأذى عن الطريق" إيمانا. وقد أطال البيهقي -رحمه الله- في شعب الإيمان في ذكر الأعمال التي جاء الكتاب والسنة بتسميتها إيمانا. فالإيمان الشرعي التام، والإسلام الشرعي التام معناهما واحد.

وقد يطلق الإيمان إطلاقا آخر على خصوص ركنه الأكبر الذي هو الإيمان بالقلب؛ كما في حديث جبريل الثابت في الصحيح٣.

والقلب مضغة في الجسد إذا صلح الجسد كله؛ فغيره تابع له. وعلى هذا تحصل المغايرة في الجملة بين الإيمان والإسلام.

فالإيمان على هذا الإطلاق اعتقاد، والإسلام شامل للعمل. واعلم أنّ مغايرته تعالى بين الإيمان والإسلام في قوله تعالى: {قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} ٤؛ قال بعض العلماء: المراد بالإيمان هنا: معناه الشرعيّ، والمراد بالإسلام: معناه اللغويّ؛ لأنّ إذعان الجوارح وانقايدها دون إيمان القلب: إسلام لغة لا شرعا.

وقال بعض العلماء: المراد بكلّ منهما معناه الشرعي، ولكن نفي الإيمان في قوله: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ} يراد به عند من قال هذا: نفي كمال الإيمان، لا نفي أصله. ولكنّ ظاهر الآية لا يساعد على هذا؛ لأن قوله:


١ سبق تخريجة.
٢ سبق تخريجة.
٣ سبق تخريجة.
٤ سورة الحجرات، الآية [١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>