للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رد عليه وإنما يجب الجهاد على مسلم ذكر حر مستطيع غير صبي ومجنون ولو خاف طريقا وحرم سفر موسر بلا إذن رب دين حال وجهاد ولد بلا إذن أصله المسلم لا سفر تعلم فرض فإن أذن ثم رجع وَجَبَ رُجُوعُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ وَإِلَّا حرم انصرافه وإن دخلوا بلدة لنا تعين على أهلها ومن دون مسافة قصر منها حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ بِلَا إذن وعلى من بها بقدر كفاية وإذا لم يمكن تأهب لقتال وجوز أسرا فله استسلام إن علم أنه إن امتنع قتل وأمنت المرأة فاحشة وإلا تعين ولو أسروا مسلما لزمنا نحوض لخلاصه إن رجي.

ــ

" وَابْتِدَاؤُهُ " أَيْ السَّلَامِ عَلَى مُسْلِمٍ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَلَا مُبْتَدِعٍ " سُنَّةٌ " عَلَى الْكِفَايَةِ إنْ كَانَ مِنْ جَمَاعَةٍ وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ "إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ" " لَا عَلَى نَحْوِ قَاضِي حاجة وآكل " كَنَائِمٍ وَمُجَامِعٍ وَمَنْ بِحَمَّامٍ يَتَنَظَّفُ فَلَا يُسَنُّ السلام عليه لأن حاله لَا يُنَاسِبُهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ وَمَنْ فِي حَمَّامٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْآكِلِ مَا بَعْدَ الِابْتِلَاعِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ فَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْته فِي الرَّدِّ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ مَعَهُ " وَلَا رَدَّ عَلَيْهِ " لَوْ أَتَى بِهِ لِعَدَمِ سَنِّهِ بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمُجَامِعِ " وَإِنَّمَا يَجِبُ الْجِهَادُ " فِيمَا ذُكِرَ " عَلَى مُسْلِمٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ " لَهُ " غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ " سَكْرَانَ أَوْ " خَافَ طَرِيقًا " فَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لَهُ وَلَا عَلَى كَافِرٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى أُنْثَى وَخُنْثَى لِضَعْفِهِمَا عَنْ الْقِتَالِ غَالِبًا وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ سَيِّدُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ وَلَا عَلَى غير مستطيع كأقطع وأعمى وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ وَمَنْ بِهِ عَرَجٌ بَيِّنٌ وَإِنْ رَكِبَ أَوْ مَرَضٌ تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ وَكَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ مِنْ سِلَاحٍ وَمُؤْنَةٍ وَمَرْكُوبٍ فِي سَفَرِ قَصْرٍ فَاضِلٍ ذَلِكَ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ وَكَمَعْذُورٍ بِمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ أَوْ لُصُوصٍ مُسْلِمِينَ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى رُكُوبِ الْمَخَاوِفِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ مَعَ ذِكْرِ حُكْمِ الْخُنْثَى وَالْمُبَعَّضِ وَالْأَعْمَى وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

" وَحَرُمَ سَفَرُ مُوسِرٍ " لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ " بِلَا إذْنِ رَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ " مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كافرا تقديما الفرض الْعَيْنِ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ أَنَابَ مَنْ يُؤَدِّيهِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فَلَا تَحْرِيمَ وَخَرَجَ بزيادتي موسرا الْمُعْسِرُ وَبِالْحَالِّ الْمُؤَجَّلُ وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ " وَ " حَرُمَ " جِهَادُ وَلَدٍ بِلَا إذْنِ أَصْلِهِ الْمُسْلِمِ " وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ رَقِيقًا لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِرُّ أَصْلِهِ فَرْضُ عَيْنٍ بِخِلَافِ أَصْلِهِ الْكَافِرِ فَلَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ وَتَعْبِيرِي بِأَصْلِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَبَوَيْهِ " لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ " وَلَوْ كِفَايَةً كَطَلَبِ دَرَجَةِ الْفَتْوَى فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وإن لم يأذن أصله وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ " فَإِنْ أَذِنَ " أَيْ أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ " ثُمَّ رَجَعَ " بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلِمَ بِالرُّجُوعِ " وَجَبَ رُجُوعُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ وَإِلَّا " بِأَنْ حَضَرَهُ " حَرُمَ انْصِرَافُهُ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} ١ وَلِقَوْلِهِ: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} ٢ وَلِأَنَّ الِانْصِرَافَ يُشَوِّشُ أَمْرَ الْقِتَالِ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرجوع أيضا أو لَا يَخْرُجَ بِجُعْلٍ مِنْ السُّلْطَانِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعُزِيَ لِنَصِّ الْأُمِّ وَأَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ تَنْكَسِرْ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ أَنْ يُقِيمَ فِي قَرْيَةٍ بِالطَّرِيقِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْجَيْشُ فَيَرْجِعَ مَعَهُمْ لَزِمَهُ.

" وَإِنْ دَخَلُوا " أَيْ الْكُفَّارُ " بَلْدَةً لَنَا " مَثَلًا " تَعَيَّنَ " الْجِهَادُ " عَلَى أَهْلِهَا " سَوَاءٌ أَمْكَنَ تأهبهم لقتال أو لَمْ يُمْكِنْ لَكِنْ عُلِمَ كُلٌّ مِنْ قَصْدِ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ قُتِلَ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً إنْ أُخِذَتْ " وَ " عَلَى " مَنْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْهَا " وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهَا كِفَايَةٌ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ مَعَهُمْ فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِمَّنْ ذُكِرَ " حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ بِلَا إذْنٍ " مِنْ الْأَصْلِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ وَلَوْ كَفَى الْأَحْرَارُ " وَعَلَى مَنْ بِهَا " أَيْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ " بِقَدْرِ كِفَايَةٍ " دَفْعًا لَهُمْ وَإِنْقَاذًا مِنْ الْهَلَكَةِ فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ " وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ " من قصد " تأهب لقتال وجوز أسرا " وَقَتْلًا " فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ " وَقِتَالٌ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ " مِنْهُ " قُتِلَ وأمنت المرأة فاحشة " إن أخذت " وَإِلَّا تَعَيَّنَ " الْجِهَادُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَمِنَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ حَالًا لَا بَعْدَ الْأَسْرِ اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا ثُمَّ تَدْفَعُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا ذَلِكَ ذِكْرُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا " وَلَوْ أَسَرُوا مسلما " وإن لم يدخلوا.


١ سورة الأنفال الآية: ٤٥.
٢ سورة الأنفال الآية: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>