للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاجتاحت ماله لا حتى تشهد بينة من ذوي الحجا من قومه أن جائحة اجتاحت ماله (١). فاستصحب في الحديث الأول كونه لا يعلم له مالأوالأصل عدم المال وإنما يكتسب بعد ولادة الإنسان وبلوغه الاكتساب. وعول في الحديث الثاني على استصحاب كونه مليئًا على موجب اعترافه بالملاء أو العلم بذلك بغير اعترافه، فإذا كشف عنه فأخبر بعَضِّ جائحة ماله قابل الظن بصدقهم الظن باستصحاب ما كان عليه من حال. وكان هذا الخبر المستفاد من ناحية خبر ثلاثة من قومه أقوى من الظن المستفاد من استصحاب حال ما كان عليه. ولم يطلب في هذا ما طلب من تحديد الأعداد في الشهادات لأن المطلوب ها هنا حصول غلبة الظن بصدقه من كون ماله قد أصابته جائحة. فصار الناس على ثلاثة أقسام: معلوم الغنى: فنحن نستصحب غناه حتى يثبت خلافه.

ومعلوم الفقر بالبيّنة وبقرائن حاله ومقتضى صنعته ومتكسبه. ومجهول الحال.

فهذا المجهول الحال الذي لا يعلم فقره أو غناه، وقد يُلتفت فيه إلى اعتبار سبب المداينة على ما قلناه من المعروف من المذهب على ما حكيناه عن بعض الأشياخ من كون الغالب من الناس اليسار. فهذا المجهول الحال يحبس حتى يستبرأ أمره وينكشف للقاضي ويثبت عنده إعساره فيطلقه من الحبس. وقد قال مالك: لا يحبس في الدين حر ولا عبد إذا لم يتّهم بأنه أخفى ماله. إلا أن يحبس مقدار ما يستبرأ أمره ويكشف عن حاله.

وحبس الغريم عند دعوى العجز عن القضاء ثابت على الجملة عند مالك والشافعي وأبي حنيفة ومدة الحبس غير محدودة بل موكلة إلى اجتهاد القاضي.

ويستعد (٢) تحديدها في كل شخص من اعتبار ما كان عليه من ظن به أنه لا يعجز


(١) مسلم: " الصحيح: الزكاة: حد ٢٣٦٦.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يُستمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>