للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا اشتد مرضهم وخيف عليهم الموت فأراد أن يخرج ليسلم عليهم فإنه يؤخذ عليه كفيل ويمكن من ذلك. ولا يخرج بحج، ولو كان أحرم به لم يمنع ذلك حبسه وهو محرم، ولو كان قد نزل بذلك مكة أو عرفة لم يحبس لقرب الأمر في ذلك، ويؤخذ عليه كفيل ولا يخرج لصلاة الجمعة ولا العيدين.

وقال بعض أشياخي: هذا الذي ذكره محمَّد بن عبد الحكم من أنه لا يترك للخروج لصلاة الجمعة إنما يصح على قول من شذ من الناس ورأى أن صلاة الجمعة فرض على الكفاية. ذكرناه في كتاب الصلاة من كتابنا هذا.

وعندي أن هذا لا يخرج منه كون من ذهب إليه يرى أن صلاة الجمعة فرض على الكفاية لأن صلاة الجمعة عبادة لها بدل، وهي تسقط لأعذار في أحد القولين لشدة المرض، وقد أبيح التيمم والانتقال عن الطهارة بالماء إذا طُلب المتوضئ في الماء بثمن كثير، فكذلك لا يبعد أن يكون الخوف على تلف مال الغرماء إن خرج هذا للجمعة عذرًا في إسقاط فرض الجمعة والأولى عندي ألا يمنع من ذلك إذا كان يقع منه ذلك لا (١) صفة لا يلحق الغرماء منها ضرر ولا إضاعة لمالهم. ولو فرض (٢) وهو في الحبس لم يخرج إلا أن يذهب عقله فيخرج حتى يعود إليه عقله، لأنه إذا ذهب عقله لم يعلم حيث هو هل هو محبوس أو مطلق؟ ولا فائدة حينئذ في حبسه.

ولو كانت له أمة واضطر إلى أن تمكن من خدمته في مرضه ويخشى عليه إن لم يمكن من ذلك مكن منه أيضًا على صفة لا يحلق منها الغرماء ضرر أشد من ضرره.

وجميع ما ذكرناه في حبس المفلس يعلم (٣) كل مفلس إلا مفلسًا له حرمة


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: على.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مرض.
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يَعُمُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>