للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحكم من أصحابنا، واختاره بعض أشياخي وزاد عن هذا أن يمكّن (١) من له الدين من طلب الغريم لكونه حاضرًا بين يديه وهو غير ممتنع عليه، يسقط الكفالة إذا ترك طلبه اختيارًا منه، وجرى ذلك مجرى تمكين الغريم من نفسه أو إتيان الكفيل به.

وهذا الذي قاله مما ينظر فيه، لإمكان أن يكون من له الدين إنما أعرض عن طلبه، ولم يجحف به، ثقة بأن الكفيل بوجهه يصونه عن التعب متى أراد طلبه، أو يمتنع الغريم من التغيب مراعاة لمن تكفل به، لئلا يسأله في الكفالة به فيفعل ذلك محسنا إليه فيسيء هو ويغيب حتى يغرم الكفيل. لكن لو انضم إلى ذلك قرائن أحوال تَعلم منها ان الطالب أسقط الكفالة عن الكفيل لأجل تمكّنه من الغريم لحسن هذا الذي ذهب إليه.

وإذا تقرر أن تمكّن من له الدين من الغريم لا يسقط الكفالة، فإن الكفيل لو أتى بالغريم الذي تكفل بوجهه، وسلمه إلى من له الدين بموضع لا تأخذه الأحكام فيه، فإن هذا التسليم لا يسقط الكفالة إذا كان الغريم قادرًا على الامتناع ممن له الدين بسلطان أو فتنة أو كونه في مفازة لا يجد من يحكم له عليه، وهذا لأن المقصود من الكفالة بالوجه تحصيل الغريم حتى يؤذن (٢) ما في ذمته.

فإذا كان تحصيله في حال يمتنع به من أراد (٣) الحق، فالمقصود بالكفالة غير حاصل، فلم تقصد (٤) مع عدم المقصود بها. فلو سلمه بموضع يتمكّن من الطلب ولكن لا تحضر بينة، فإن ابن المواز رأى أن الكفالة تسقط، وإنما يمتنع سقوطها إذا وقع تسليم الغرماء في حال يمتنع الغريم بنفسه من أداء الحق ويمكنه ذلك. وأما عدم البينة فإنه ليس ذلك منه ولا من سببه، فلهذا لم يتعين وجود البينة مع كون فقدها يمنع من التمكن من الغريم. وقال محمَّد بن عبد الحكم:


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: تَمَكُّن
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يؤدّي
(٣) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أداء
(٤) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: تحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>