للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان المرتهن أحقَّ به، وما قابل الولد كان لسائر الغرماء (المرتهن للأم بما بقي وغيره من الغرماء) (١).

وظاهر هذا أن المطلوب التفرقة في الارتهان في إفْراد الأم بذلك أو الولد، وهو يطابق التأويل الذي ذكرنا أنه تأوُّلٌ على ما قال ابن القاسم. وقد ذكر ابن شعبان أن العبد إذا كان له أمة استولدها فإنها وغيرَها من ماله لا تدخل في الرهن، ولكن ولدَه يدخل في الرهن لكونه من جنسه، وقد قدمنا أن ما كان من جنس الرهن دخل في الرهن.

وهذا الذي قاله يفتقر إلى نظر, لأن ولد الأمة إنما أُلحِق بها لأنه يقدّر كعضو من أعضائها يلحقه ما يلحقها من حرية أو رق. وأمّا ولد الذكر فلا يقدّر كعضو من أعضائه، ألا ترى أن الاستدلال. الذي قد قدمنا في كون الولد تابعًا لأمه في حكم الرهن هوا الاتفاق على أحكام حريتها ورقها يجريان في ولدها، ويتبعها في ذلك، ولا يتبع أباه حريةً ولا رقًا. فهذا ينبغي أن يُتأمَّل.

وقد وقع لمالك في أُرُوش الجنايات على العبيد أنها إذا أُخِذت دخلت في الرهن معهم من غير اشتراط مع كونها ليست من جنس الرهن، ولكنها عوض عن عضو ذهب من الرهن، وقد كان ذلك العضو مرهونًا فليكن عوضُه من الدنانير والدراهم رهنًا بدلَ ذلك العضو الذاهب، وأمّا مال العبد فإنه لا يكون رهنًا معه لأنه ليس بملكه كما يملك الحرّ مالَه لقدرة السيّد على انتزاعه، فلا يدخل في الرهن معه إلا بأن يُشترط ذلك، واشتراطه جائز وإن كان مجهولًا. وإفراد مال العبد بالشراء له لا يجوز مع الجهالة، ويجوز إفراده بالرهن مع الجهالة. وإذا اشترط المرتهن كونَ مال العبد رهنًا معه فأفاد العبد مالًا في أيام الرهن، فإن في الموازية والمجموعة أنه لا يكون، رهنًا، ولا يتناوله اشتراط كون مال العبد رهنًا معه, لأنه لم يكن حينئذ مالًا له. لكن لو ربح فيما في يديه لدخل هذا في الرهن، لأن ربح المال تابع له، كما نقول في الأرباح: إنها تبع لأصول الأموال في


(١) هكذا، والكلام واضح بدونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>