للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قال ابن القصار: إن أظهر الروايتين عن مالك جواز ارتهان فضلة الرهن (وإذا) (١) لم يرضَ من بيده الرهن بذلك. وهكذا ذكر ابن الجلاب في تفريعه أن ارتهان فضلة الرهن لرجل آخر بغير إذْن من بيده الرهن لا يصحّ، وأما بإذنه ففيه روايتان.

وها نحن نتكلم على سبب اختلاف هاتين الروايتين بعد أن يضبط بالتقسيم، فنقول: إذا رهن رجل رهنًا قيمته مائة دينار، وأخذ على الرهن نصف قيمته وهي خمسون، ثم أراد أن يتسلّف مِمّن بيده الرهن سلفًا آخر، وهو خمسون دينارًا بقية قيمة الرهن، فلا يخلو أن يكون الرهن بيد من أعطى السلف (٢) وبيد عدل أُوقِفَ الرهنُ بيده.

فإن كان الرهن بيد معطي الدين الأوَّلِ فقد ذكرنا خلاف فقهاء الأمصار في ذلك، وأَنّ مذهبَنا جواز ترادف دين على دين في رهن واحد، وهو يد دافع الدينين.

وإن كان هذا الرهن موقوفًا على يد رجل آخر غيرِ معطي الدينين، فقد ذكرنا أن ما أُوقِف من الرهبان بيد غير المرتهن فإن ضمانه من ربّه. ولكن يبقى النظر في هذا الدين الثاني الذي ارتُهِن فيه فضلة الرهن على الدين الأول، فإن هذا العدلَ الموقوف الرهن على يده إن رضي بأن يحوز هذا الرهن بالدينين جميعًا فإنه يكون رهنًا بالدينين جميعًا، كما لو كان الرهن في يد دافع الدينين جميعًا, لأن يد هذا العدل الموقوف عنده الرهن كيده في باب الحيازة. وإن كان العدل لم يعلم بهذا الثاني، ولا رضي بأن يكون الرهن تحت يده وبحوْزِه إلا في الخمسين دينارًا الأولى فإنه يجري ذلك على القولين، وقد قدمنا ذكرهما وعلتهما حيث قلنا: إن المذهب على قولين في الهبات والبرهان. هل لا يصحان إلا بحيازة محسوسة أو يصحان عند ارتفاع التهمة الموجبة لافتقارهما إلى


(١) هكذا ولعل الصواب: وإِنْ.
(٢) هكذا ولعل الصواب: أو.

<<  <  ج: ص:  >  >>