للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحيازة، وهذه التهمة في كون الواهب إذا وهب ماله في صحته وأبقاه تحت يده ينتفع به إلى أن يموت فيأخذه الموهوب له فإن نفسه لا تسْمَح بذلك بل (١) يغني غيرَه ويبقى فقيرًا، فيؤدي ذلك إلى منعه من القصد إلى حرمان الوارث ما أوجب الشرع أن يرثه عنه.

وكذلك في الرهبان إذا قال لأحد غرمائه: رهنتك داري وباقيًا (٢) ساكنًا فيها إلى أن أفلس، فلو جعلناها رهنًا صحيحًا يستبدّ به من قَبِل هذه الدار رهن ذلك في دينه، ويختص به دون سائر الغرماء، أدى ذلك إلى إيثاره بماله غريمًا دون غيره، ولهذا افتقر الرهن إلى الحيازة. فإذا تُصوّر في بعض المسائل ارتفاع هذه التهمة التي لأجلها افتقر الرهن إلى الحيازة، فهل يرتفع الافتقار إليها لعدم العلة الموجبة لها، ويبقى الحكم باقيًا وإن ارتفعت علته؟ المذهب على قولين في هاتين المسألتين اللتين ذكرناهما.

وهذا العدل إذا كان إنما حارٍّ الرهن في خمسين دينارًا إذا وصلت إلى دافعها رد الرهنَ إلى صاحبه، فسقط كونه رهنًا فإن الخمسين الأخرى إذا لم يعلم بها ولم يقصد إلى حيازتها لدافع هذه الخمسين فإن ذلك لا يصح على أحد القولين لعدم القصد إلى الحيازة. وعلى القول الآخر يصحّ ذلك, لأن هذا الرهن لا يَدَ لصاحبه عليه، ولا انتفاع له به، فلا تُتصور فيه التهمة التي ذكرناها في الافتقار إلى الحيازة. هذا بيان أحد القسمين.

وأما القسم الآخر فهو أن يكون الرهن بيد دافع الخمسين الأولى، ولكن الراهن تسلّف من رجل آخر خمسين أخرى، وجعل الفضلة الباقية من قيمة الرهن رهنًا لهذا الثاني، فإن المشهورَ من المذهب المنصوصَ نصًّا لا إشكال فيه كونُ هذا الدين الثاني إنما يصحّ كونه رهنًا به بعد أن يصل الأوَّلُ إلى حقّه، بِشرط أن يعلم الذي بيده الرهن بهذه الاستدانة الثانية، ويرضى أن يحوز هذه


(١) هكذا ولعل الصواب: بأنْ.
(٢) هكذا ولعل الصواب: بَقِيَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>