للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفضلة لصاحب هذا الدين الثاني. فإن لم يعلم ذلك ولا رضي به فإنه لا يكون لدافع الدين الثاني في هذا الرهن حقّ بل يباع الدين الأوّل إذا وجب قضاؤه له، وما فضل عن دينه يحاصّ به سائر الغرماء دافعُ هذه الخمسين الأخرى، ومن سواه من الغرماء. ووقع لمالك في كتاب ابن المواز فيمن رهن رهنًا ثم استدان من رجل آخر دينًا، وجعل فضلة الرهن رهنًا، فقال مالك: لا يصح هذا الرهن الثاني إلا أن يحوزه لهذا الثاني غيرُ الأول. قال: لأن الأوّل إنما حاز لنفسه. هكذا روى ابن القاسم عنه في الموازية، وقام عقب هذه الرواية عن ابن مالك (١): إلا أن يعلم الأول بذلك ويرضى، بحوزه للثاني.

وظاهر هذه الرواية أنه لا يصح هذا الرهن الثاني، وإن علم به الأوّل فوضي أن يحوزه له، لقول مالك في صحة هذا الرهن: لأن الأوّل إنما حاز لنفسه؛ بعد أن قال: لا يصح ذلك إلا أن يحوزه لهذا والآخَرِ غيرُ الأوّل الذي قبضه لنفسه. لكنه لم يذكره في السؤال الذي أجاب عنه مالك بحوز الموتهن الأوّل، علم بهذا الرهن الثاني أو لم يعلم به. لكن التعليل يقتضي أنه لا يصح هذا الرهن ولو علم به الأول ورضي بحوزه للثاني. لكن قول ابن مالك (١) عقيب ما نَقَل عنه: إلا أن يعلم الأوّل بذلك ويرضى به. كالمشير إلى تأويل قول مالك على كون الأوّل لم يعلم بالرهن. ولكن تعليل ذلك وظاهر كلامه خلاف ما أشار إليه ابن القاسم. وهكذا حمل بعض أشياخي هذه المسألة على قولين: أحدهما صحة هذا الرهن إذا رضي الأوّل بهذه الاستدانة الثانية وحَاز الفضلة لهذا الثاني. والقول الآخر: إن ذلك لا يصح ولو علم بهذا الأوّلُ ورضي بحوزها للثاني. لكنه خرّج: إذا لم يعلم بها الثاني ولا رضي بحوزها للثاني، أن هذه الفضلة لكون رهنًا للثاني، كما قيل فيمن أخْدَم عبده لرجل، وحازه هذا الرجل، ثم وُهبتْ رقبته لآخر، فإن هذه الهبة للرقبة تصحّ، وإن لم يعلم المُخدَم بهذه الهبة للرقبة، ولا رضي بحيازتها لمن وُهبت له. وهذا الذي قيل في هذا


(١) هكذا ولعل الصواب حذف (ابن).

<<  <  ج: ص:  >  >>