للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العبد المخدَم، وما خرجه بعض أشياخي من كون فضلة الرهن لكون رهنًا، وإن لم يعلم الأول بارتهان الثاني لها، مبنى على ما فرغنا منه الآن من كون الرهن لا يصح إلا بالحيازة المحسوسة لقوله تعالى "فرهان مقبوضة" (١) فشرط القبض في صحتها والقبض مشاهَد محسوس، فإذا لم يوجد لم يصح الرهن. أو يُراعى في صحة (٢) ارتفاع يد الواهب عنه، وعلُم انتفاعه به، وإن لم يقبضه الموهوب له ولا قبضه المرتهن، كما بسطنا بيانه الآن.

فإذا تقرر حكم هذا القسم وحكم هذه الفضلة المرهونة بدين ثان، فقد قدمنا ذكر الخلاف على الجملة في ضمان هذه الفضلة: هل يضمنها من بيده الرهن الذي أخذه عوضًا عما دفعه، أو لا يضمن هذه الفضلة، وأن ابن القاسم يرى أنه لا يضمن من هذا الرهن إلا مقدار دينه وهي الخمسون دينارًا، وما فضل عن ذلك فضمانه من ربه, لأن دافع الدين الثاني لم يقبض هذه الفضلة فلا يضمنها وهي في يد المرتهن الأول محبوسة بحق الثاني، فيجري مجرى الأمانة في يده ومجرى ما أوقف على يد عدل، فإن العدل لا يضمنه. وقد احتجّ أشهب لصحة مذهبه بأنه لو كان هذا الرهن بيد رجل على أنه لا يستحق منه إلا ما فضل عن دين رجل آخر، فإنه لا يضمنه لكونه إنما يستحق الفضلة وهي غير محققة.

وبعض أشياخي يميل إلى أن ابن القاسم قد يخالفه في هذا الذي احتج به، ويجري فيه على أصله في كون ما سوى الفضلة لا يضمنه. وقد قال بعض الأشياخ: إنما يقتصر ابن القاسم على ضمان ما سوى الفضلة خاصة على من بيده الرهن إذا علم أن الرهن موجود حين رهن الراهن للثاني فضلته، وأما إذا لم يعلم وجوده فإنه يضمنه لجواز أن يكونْ قد تلف ولزمته غرامته قبل أن يرهن الفضلة.


(١) البقرة: ٢٨٢.
(٢) هكذا ولعل الصواب: صحّته.

<<  <  ج: ص:  >  >>