للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَبِإِذْنِ اللَّهِ} بمشيئته وتقديره، والفاء لكونه مشبهًا بجواب الشرط؛ لأن (ما) مناسب للشرط (١).

{الَّذِينَ نَافَقُوا} خالفوا ظاهر أمرهم، أراد (٢) ابن (٣) أبي بن سلول وأصحابه (٤) حين انخذلوا، وإنما سمي المنافق منافقًا تشبيهًا لليربوع وذلك أن له حجرين يقال لأحدهما: القاصَعاء والآخر النافقاء، فإذا طلب من أحدهما خرج من الآخر، وقيل: اليربوع يخرق الأرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهر الأرض أرق (٥) التراب فإذا أراد به ريب رفع التراب برأسه فخرج، والنفق السرب، ونفق الشيء: إذا دخل في السرب، وتنفقته: إذا استخرجته (٦)، {أَوِ ادْفَعُوا} قاتلوا دفعًا عن حريمكم إن لم يقاتلوا حسبه، وقيل: كثّروا الجيش بخيلكم إن لم تقاتلوا لأن تكثير الجيش يؤثر في قلوب الأعداء (٧)، {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا} أي:


(١) أي أن "ما" في قوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عِمرَان: ١٦٦] يمكن أن تكون شرطية، والفاء في قوله: {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عِمرَان: ١٦٦] واقعة في جواب الشرط. ويجوز أن تكون "ما" موصولة بمعنى الذي في محل رفع بالابتداء، و"فبإذن الله" هو الخبر، وهو على إضمارٍ تقديره: فهو بإذن الله، ودخلت الفاءُ في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط، فهو كقولك: الذي يأتيني فله درهم.
[المحرر (٣/ ٢٩٠)؛ الدر المصون (٣/ ٤٧٥)].
(٢) في الأصل (أو)، وهو خطأ.
(٣) في الأصل: (دين).
(٤) ذكره الطبري في تفسيره (٦/ ٢٢٢) عن الزهريّ وابن حبان وعاصم بن عمرو والحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وذكره ابن هام في سيرته (٢/ ٦٤).
(٥) في الأصل: (أراق).
(٦) قال أبو عبيد: سمي المنافق منافقًا للنَفَقِ وهو السرب في الأرض. ومنه قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣٥]. وهو مأخوذ -كما قال المؤلف- من النافقاء وهو جحر الضب واليربوع، وهو موضع من جحره، فإذا أُتي من قِبَل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فخرج، وهكذا وصف به المنافق على أنه يدخل في الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه - كما قاله أهل اللغة.
[العين (٤/ ٣١٤)؛ مقاييس اللغة (٢/ ٢٠٢)؛ المحكم (٦/ ٤٤٧)؛ لسان العرب "نفق" (١٤/ ٢٤٥)].
(٧) رواه ابن المنذر (١١٦١) عن الضحاك قال: كونوا سوادًا أو كثروا. وقد أخرجه (١١٦٠) عن ابن عباس وعند ابن جريج (١١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>