للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صالح. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) (١) وقد حقق الله للفكون الأملين معا فزال عنه المرض وصلح عقبه إذ تولى ابنه محمد وظائفه بعد وفاته، كما عرفنا.

[٣ - منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية]

يعتبر (منشور الهداية) أفضل ما ألف الفكون، بل أفضل الكتب المؤلفة في العهد العثماني بالجرائر. فهو ليس كتاب تراجم بالمعنى المتعارف عليه لدى كتاب التراجم، وليس تخليدا لملك أو أمير أو باشا كما فعل بعض كتاب ذلك العصر، وليس كتابا في التصوف وأحوال الدراويش والانهزامية التي ألف فيها أيضا بعض مثقفي تلك الفترة. ولكنه كتاب في النقد الاجتماعي والنقد السياسي والنقد الديني، وهو أيضا كتاب عن أحوال الناس وزعمائهم السياسيين والمثقفين والدينيين، وعن علاقات هؤلاء جميعا بعضهم ببعض. إنه وثيقة حية هامة عن حالة ذلك العصر، وهو يصلح أن يكون نموذجا لما كان شائعا في العالم الإسلامي كله عندئذ، لأن ما فيه من وصف الأحوال والعلاقات والأفكار ليس خاصا بالجرائر. وقد تكون الكتب الأخرى التي ألفها الفكون في النحو والصرف والحبس، وحتى كتابه عن تحريم التدخين، وديوانه في المدح النبوي - كلها قد فاتها الوقت وأصبحت تدرس كأعمال مضى عليها الزمن، أما (منشور الهداية) فإنه الكتاب الوحيد الذي سيظل في نظرنا حيا خالدا لعمق أفكار


(١) العياشي، الرحلة ٢/ ٣٩٦.

<<  <   >  >>