عبارة الثعالبي في (كنز الرواة) عن شيخه الفكون (انجمع باخره عن الناس ولزم العزلة والعكوف على العبادة وتهذيب النفس)(١).
ولا يمكننا أن نتتبع كل مراسلات الفكون أثناء حياته فهي حياة طويلة وخصبة كما عرفنا وقد شاع أمره في عصره حتى قدره بعضهم لعلمه وصلاحه، وقدره آخرون لزهده وتصوفه، وقدره آخرون لسياسته وحكمته. وهكذا تعددت جوانب حياته كما تعددت وجهات نظر الناس فيه، كما سنعرف.
[٣ - مذهبه الصوفي وموقفه من البدع]
رغم نقد الفكون لمتصوفة عصره فإنه كان شخصيا من المتصوفين، وكان في الواقع شاذليا زروقيا. وهو لا يخفي ذلك أو ينكره بل يعلنه في غاية الصراحة. وكان يسير على مقتضى تعاليم الطريقة الشاذلية والطريقة الزروقية في آرائه وسلوكه. وقد تأثر بهذه التعاليم، كما سنرى، من عدة مصادر.
المصدر الأول: إنه أخذ عن والده عن جده عن عمر الوزان، الذي قال عنه الفكون أنه دعوة من دعوات الشيخ أحمد زروق. وبين ذلك بأن الشيخ زروق كان يتردد على قسنطينة وكان والد الوزان يعمل جابيا للضرائب بباب المدينة. فكان يعفي الشيخ زروق من الدفع. وقد جاء الشيخ زروق ذات مرة فلم يجد ذلك الرجل فسأل عنه فقيل له إنه يقيم وليمة بمناسبة ميلاد ولد له، فذهب إليه زروق وحمل الولد (عمر الوزان) في كفه وأخذ يدور
(١) الثعالبي (كنز الرواة) - مخطوط - وكلمة (بآخره) تعني في نهاية حياته.