وإقليمها، ولكننا لا نفهم إلا القليل عن علاقات حاكم قسنطينة بالسلطة المركزية عندئذ ولا سيما في القرن السادس عشر (١٠ / هـ). والظاهر أن ما أصبح يسمى برحلة أو زيارة الدنوش التي يقوم بها هذا الحاكم شخصيا كل ثلاث سنوات، وبواسطة خليفته كل ستة أشهر، لم تكن قد سنت بعد، ولكن كان هناك شكل آخر لا نعرفه جيدا من أشكال الولاء للسلطة المركزية ومن أشكال دفع ضرائب الإقليم إلى خزانة الدولة ومن أشكال التعاون عند الأزمات والثورات والغارات الخارجية.
وعلى ذكر الغارات الخارجية نقول إن العلاقات بين إقليم قسنطينة وتونس أو بين باي قسنطينة وباي تونس كانت تجري على شكل يكاد يكون مستقلا عن السلطة المركزية رغم أنه لا بد أن يكون هناك طريق غامض للتنسيق والمشاورة. فقد وقعت عدة مناوشات وخلافات بين المنطقتين سببها تحديد الحدود وموالاة القبائل الحدودية التي يحرص كل فريق على ضمها إليه أو استخدامها ضد خصمه عند الأزمات. ومن ذلك ما حدث في بداية القرن السابع عشر، حيث انتهى الأمر إلى توقيع معاهدة سنة ١٦١٤ رسمت بها الحدود بين الطرفين. ولكن في سنة ١٦٢٨ حدثت مداخلات بين القبائل وجرت مفاوضات بين الفريقين ويحدثنا الفكون عن اتفاق صلح جرى في قصر جابر سنة ١٠٣٧ وشارك فيه وفد من علماء وعسكر قسنطينة وعلماء وعسكر تونس، ورغم هذا التوتر على الحدود الذي كانت السلطة في الإيالتين تصطنعه في كثير من الأحيان لأغراض اقتصادية وشخصية، فإن العلاقات بين الإيالتين ظلت قوية، فالتجار كانوا يتنقلون بسهولة