داره، وفي الجامع، وفي مدرسة العائلة، وفي غير ذلك من الأماكن. وكان يستقبل الطلبة الوافدين على قسنطينة ويدرس لهم في الأماكن المذكورة بدون تعيين ولا تلقيب، وبدون أجر أيضا.
فتلاميذه الذين ذكرناهم وزواره من العلماء كانوا يأتونه في أغلب الأحيان إلى منزله الذي اتخذ فيه، كما قال، مصلى وقاعة
لاستقبال الضيفان الراغبين في طلب العلم. ويبدو أنه كان يبث العلم عن طريق التدريس منذ وقت مبكر من حياته، أي منذ أوائل العشرينات من حياته.
وقد كان والده يقدمه، رغم صغر سنه، في المسائل العلمية أثناء حياته أيضا ليواجه به بعض المتحدين له. وقد مر بنا تقديمه له في الصلاة بالجامع الأعظم بدل نائبه التقليدي، وهو أحمد الميلي، وما وجده من أجل ذلك من حسد وغيرة حتى فاز على خصمه وظهر. كما مر بنا كيف ناطح به والده أحد العلماء الذين قالوا بإباحة نسخ عقد من عقود الأحباس تقربا لوالي قسنطينة. وكيف حاجه الفكون، رغم صغر سنه، وانتصر عليه أيضا، وكتب في ذلك تأليفا أصبح وثيقة مشتهرة عند أهل البلد. إذن كان الفكون يقوم بهذه الأمور في حياة والده، وهو في مقتبل العمر، بدون تعيين رسمي.
كما أن الفكون ألف، كما سنعرف، معظم كتبه في هذه الفترة من حياته، أي أثناء حياة والده (أي قبل ١٠٤٥). ونكاد نقول إنها جميعا من إنتاج هذه الفترة - ما عدا واحدا منها، ألفه سنة ١٠٤٨ - ولذلك يبدو لنا أن الفكون قد كرس الجزء الأكبر من حياته في التعلم والتعليم والتأليف. وكانت مادة تعلمه وتعليمه هي النحو،