العبادات، ولا في المعاملات فالصلاة الباطلة كالصلاة الفاسدة لا تسقط الواجب عن المكلف ولا تبرئ ذمته، والزواج الباطل كالزواج الفائد لا يفيد ملك المتعة ولا يترتب عليه أثره، والبيع الباطل كالبيع الفاسد لا يفيد نقل الملك في البدلين ولا يترتب عليه حكم شرعي، وتكون القسمة ثنائية، أي أن الفعل أو العقد أو التصرف إما صحيح تترتب عليه آثاره، وإما غير صحيح لا يترتب عليه أثر شرعي، وهذا هو رأي الجمهور.
وقال علماء الحنفية: إن القسمة ثنائية في العبادات، فهي إما صحيحة وإما غير صحيحة، ولا فرق بين باطل الصيام مثلا وفاسده في أنه لا يترتب عليه أثره ولا يسقط الواجب، وعلى المكلف قضاؤه، وأما العقود والتصرفات فالقسمة ثلاثية؛ لأن العقد غير الصحيح ينقسم إلى باطل وفاسد؛ فإن كان الخلل في أصل العقد أي في ركن من أركانه بأن كان في الصيغة، أو العاقدين أو المعقود عليه، كان العقد باطلا لا يترتب عليه أثر شرعي، وإن كان الخلل في وصف من أوصاف العقد بأن كان في شرط خارج عن ماهيته وأركانه، كان العقد فاسدا، وترتبت عليه بعض آثاره.
وعلى هذا قالوا: إن بيع المجنون أو غير المميز أو بيع المعدوم باطل، وأما البيع بثمن غير معلوم فهو فاسد، وإن زواج غير المميز أو زواج إحدى المحرمات مع العلم بالحرمة باطل. وأما الزواج بغير شهود فهو فاسد، ولم يرتبوا على الباطل أثرًا، ورتبوا على الفاسد بعض الآثار، ولهذا أوجبوا بالدخول في الزواج الفاسد المهر والعدة وأثبتوا النسب، وفي البيع الفاسد إذا رفع سبب الفساد في المجلس بأن عين الثمن، أو الأجل ترتبت على العقد آثاره، وهو يفيد الملك بالقبض.
ومما قدمنا بيانه من معنى الصحة ومعنى البطلان، يظهر الوجه على عدهما من الحكم الوضعي؛ لأن الصحة هي ترتب الآثار الشرعية على الأفعال والأسباب أو الشروط التي باشرها المكلف. والبطلان عدم ترتب شيء من تلك الآثار، فالحكم بصحة البيع حكم بسببيته شرعا لأحكامه.