الاستحسان في اللغة: عد الشيء حسنا، وفي اصطلاح الأصوليين: هو عدول المجتهد عن مقتضى قياس جلي إلى مقتضى قياس خفي، أو عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لدليل انقدح في عقله رجح لديه هذا العدول. فإذا عرضت واقعة ولم يرد نص بحكمها، وللنظر فيها وجهتان مختلفتان إحدهما ظاهرة تقتضي حكمًا والأخرى خفية تقتضي حكمًا آخر، وقام بنفس المجتهد دليل رجح وجهة النظر الخفية، فعدل عن وجهة النظر الظاهرة فهذا يسمى شرعا: الاستحسان، وكذلك إذا كان الحكم كليا، قام بنفس المجتهد دليل يقتضي استثناء جزئية من هذا الحكم الكلي والحكم عليها بحكم آخر، فهذا أيضا يسمى شرعا الاستحسان.
٢- أنواعه:
من تعريف الاستحسان شرعًا يتبين أنه نوعان: أحدهما ترجيح قياس خفي على قياس جلي بدليل. وثانيهما استثناء جزئية من حكم كلي بدليل.
من أمثلة النوع الأول:
١- نص فقهاء الحنفية على أن الواقف إذ وقف أرضًا زراعية يدخل حق المسيل، وحق الشرب حق المرور في الوقف تبعًا بدون ذكرها استحسانًا. والقياس أنها لا تدخل إلا بالنص عليها كالبيع، ووجه الاستحسان: أن المقصود من الوقف انتفاع الموقوف عليهم، ولا يكون الانتفاع بالأرض الزراعية إلا بالشرب والمسيل والطريق، فتدخل في الوقف بدون ذكرها؛ لأن المقصود لا يتحقق إلا بها كالإجارة.
فالقياس الظاهر إلحاق الوقف في هذا بالبيع؛ لأن كلا منهما إخراج ملك من مالكه. والقياس الخفي إلحاق الوقف في هذا بالإجارة؛ لأن كلا منهما مقصود به