"غير الواضح الدلالة من النصوص، وهو ما لا يدل على المراد منه بنفس صيغته، بل يتوقف فهم المراد منه على أمر خارجي. إن كان يزال خفاؤه بالبحث والاجتهاد فهو الخفي أو المشكل، وإن كان لا يزال خفاؤه إلا بالاستفسار من الشارع نفسه فهو المجمل، وإن كان لا سبيل إلى إزالة خفائه فهو المتشابه".
قدمنا في القاعدة الثالثة أن مراتب الواضح الدلالة تتفاوت في وضوحها وبينا في تلك القاعدة أقسام الواضح الدلالة. ونبين في هذه القاعدة أقسام غير الواضح الدلالة، ومراتب خفائه وما يزال به الخفاء.
وقد قسم الأصوليون غير الواضح الدلالة إلى أربعة أقسام أيضا: الخفي، والمشكل، والمجمل، والمتشابه.
وهذا بيان المراد اصطلاحًا بكل واحد من هذه الأقسام الأربعة، وأمثلته وحكمه:
١- الخفي:
المراد بالخفي في اصطلاح الأصوليين: اللفظ الذي يدل على معناه دلالة ظاهرة، ولكن في انطباق معناه على بعض الأفراد نوع غموض وخفاء تحتاج إزالته إلى نظر وتأمل، فيعتبر اللفظ خفيا بالنسبة إلى هذا البعض من الأفراد، ومنشأ هذا الغموض أن الفرد فيه صفة زائدة على سائر الأفراد أو ينقص عنها صفة، أو له اسم خاص؛ فهذه الزيادة أو النقص أو التسمية الخاصة تجعله موضع اشتباه، فيكون اللفظ خفيا بالنسبة إلى هذا الفرد؛ لأن تناوله لا يفهم من نفس اللفظ، بل لا بد له من أمر خارجي.
مثال ذلك لفظ السارق، معناه ظاهر، وهو آخذ المال المتقوم المملوك للغير خفية من حرز مثله، ولكن في انطباق هذا المعنى على بعض الأفراد نوع غموض، كالنشال "الطراز" فإنه آخذ المال في حاضر يقظان بنوع من المهارة وخفة اليد ومسارقة الأعين. فهو يغاير السارق بوصف زائد فيه وهو جرأة المسارقة، ولذا