ومثال هذا قوله تعالى بعد عد المحرمات من النساء:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ، مع قوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} . فالآية الأولى ظاهرة في إحلال زواج زوجة خامسة؛ لأنها مما وراء ذلك، والآية الثانية نص في قصر إباحة الزواج على أربع، فلما تعارضا رجح النص لقوته في وضوح دلالته، وحرم زواج ما زاد على أربع.
وإذا تعارض نص ومفسر يرجح المفسر؛ لأنه أوضح دلالة من النص من جهة أن تفسيره جعله غير محتمل لتأويل، وجعل المراد منه متعينًا.
ومثال هذا قوله -صلى الله عليه وسلم:"المستحاضة تتوضأ لكل صلاة"، مع قوله:"المستحاضة توضأ وقت كل صلاة". فالأول: نص في إيجاب الوضوء لكل صلاة؛ لأنه يفهم من لفظه ومقصود من سياقه، والثاني مفسر لا يحتمل تأويلا؛ لأن الأول يحتمل إيجاب الوضوء لكل صلاة ولو في وقت واحد، أو لوقت كل صلاة، ولو أدى في الوقت عدة صلوات، ولكن الثاني قطع هذا الاحتمال، فيرجح. وصار الحكم الشرعي هو إيجاب الوضوء للوقت، وتصلي فيه ما شاءت من الفرائض والنوافل.