هذا العهد ابتدأ بوفاة رسول الله في سنة: ١١ للهجرة، وانتهى في أواخر القرن الأول الهجري، وأطلقنا عليه عهد الصحابة؛ لأن السلطة التشريعية فيه تولاها رءوس أصحاب الرسول، ومنهم من عاش إلى العقد العاشر الهجري مثل أنس بن مالك الذي توفي سنة ٩٣هـ.
وهذا العهد هو عهد التفسير التشريعي، وفتح أبواب الاستنباط فيما لا نص فيه من الوقائع، فإن رءوس الصحابة صدرت عنهم آراء كثيرة في تفسير نصوص الأحكام في القرآن والسنة تعد مرجعا تشريعيا لتفسيرها وتبيينها.
وصدرت عنهم فتاوى كثيرة بأحكام في وقائع لا نص فيها تعتبر أساسا للاجتهاد والاستنباط.
من تولوا سلطة التشريع في هذا العهد:
العهد التشريعي الأول -وهو عهد الرسول- خلف للمسلمين قانونا مكونا من نصوص الأحكام في القرآن والسنة، ومواد هذا القانون الأساسي ليس كل واحد من المسلمين أهلا لأن يرجع إليها بنفسه، ويفهم ما تدل عليه من الأحكام؛ لأن فيهم العامة الذين لا يتوصلون إلى فهم النصوص إلا بواسطة من يفهمهم إياها، ومن جهة ثانية: مواد هذا القانون لم تكن نشرت بين المسلمين نشرا عاما يجعلها في متناول كل واحد منهم؛ لأن نصوص القرآن كانت في أول هذا العهد مدونة في صحف خاصة محفوظة في بيت الرسول وبيوت بعض أصحابه، والسنة لم تكن مدونة أصلًا، ومن جهة ثالثة: مواد القانون شرعت أحكاما لحوادث وأقضية وقعت حين تشريعها، ولم تشرع أحكاما لحوادث فرضية يحتمل وقوعها، وقد طرأت للمسلمين حاجات وحوادث وأقضية لم تطرأ في عهد الرسول، ولا يوجد فيما خلفه من النصوص ما يدل على حكمها.
لهذه الأسباب الثلاثة رأى العلماء من الصحابة والرءوس فيهم أن عليهم واجبا تشريعيا لا بد أن يقوموا به، وهذا الواجب هو أن يبينوا للمسلمين ما يحتاج إلى التبيين، والتفسير من نصوص الأحكام في القرآن والسنة، وأن ينشروا بين