وفي الأوامر بالخيرات استفيد المبادرة من قوله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} . وقوله:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} .
صيغة النهي:
إذا ورد اللفظ الخاص في النص الشرعي على صيغة النهي أو صيغة الخبر التي في معنى النهي أفاد التحريم، أي طلب الكف عن المنهي عنه على وجه الإلزام والحتم. فقوله تعالى:{وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} أفاد تحريم زواج المسلم بالمشركات. وقوله تعالى:{وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} أفاد تحريم أخذ عوض من المطلقات؛ لأن صيغة النهي على الرأي الراجح، موضوعة لغة للدلالة على التحريم فيفهم منها عند الإطلاق. وإذا وجدت قرينة تصرفها عن المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي، فهم منها ما دلت عليه القرينة، كالدعاء في قوله:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} ، والكراهة في قوله:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} .
وبعض الأصوليين ذهبوا إلى أن صيغة النهي من باب المشترك هي كالأمر والخلاف فيهما واحد.
والنهي يقتضي طلب الكف دائما وفورا؛ لأنه لا يتحقق المطلوب وهو الكف إلا إذا كان دائما، بمعنى أنه كلما دعت المكلف نفسه إلى فعل المنهي عنه كفها، فالتكرير ضروري لتحقيق الامتثال في النهي. وكذلك المبادرة؛ لأن النهي عن الفعل إنما هو تحريمه لتلافي ما فيه من مضار، وهذا واجب في الحال؛ لأن من نهى عن الشيء إذا فعله ولو مرة في أي وقت لا يتحقق أنه امتثل، فتكرير الكف وكونه على الفور من مقتضيات النهي، فصيغة النهي المطلق تقتضي الفور والتكرير، وصيغة الأمر المطلق لا تقتضي فورًا ولا تكريرًا.