الصلاة وهم سكارى. ثم بعد ذلك جاء النص الصريح على أنها رجس من عمل الشيطان، والأمر باجتنابها. وكذلك نظام التوريث، بقي فترة في بدء الإسلام على ما كان عليه عند العرب في جاهليتهم، ثم أخذ الإسلام في تعديله بالتدريج، فنسخ أولًا الإرث بالتبني، ثم نسخ الإرث بالتحالف والتآخي، ثم شرعت للتوريث أحكام مفصلة، هدمت الأسس الجائرة التي كان عليها أهل الجاهلية في نظام توريثهم.
أنواعه:
قد يكون النسخ صريحا وقد يكون ضمنيا.
فالنسخ الصريح أن ينص الشارع صراحة في تشريعه اللاحق على إبطال تشريعه السابق، ومثال ذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} ، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، فإنها تذكركم الحياة الآخرة". وقوله عليه الصلاة والسلام:"إنما نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة ألا فادخروا".
وهذا النسخ الصريح هو الكثير في التشريع الوضعي، فإن أكثر القوانين التي تصدر معدلة لقوانين سابقة، ينص فيها صراحة على النصوص الملغاة في تلك القوانين السابقة، أو على إلغاء كل حكم في قانون سابق مخالف ما نص عليه في هذا القانون، كما نص الأمر الملكي بدستور سنة ١٩٣٠ صراحة على إلغاء دستور سنة ١٩٢٣، وكما نص قانون التسجيل صراحة على إلغاء نصوص في القانون المدني.
وأما النسخ الضمني فهو ألا ينص الشارع صراحة في تشريعه اللاحق على إبطال تشريعه السابق. ولكن يشرع حكما معارضا حكمه السابق، ولا يمكن التوفيق بين الحكمين إلا بإلغاء أحدهما؛ فيعتبر اللاحق ناسخا ضمنا.
وهذا النسخ الضمني هو الكثير في التشريع الإلهي، فقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} يدل