جـ- ترجمة سورة أو آية بلغة أجنبية غير عربية لا تعد قرآنا مهما روعي من دقة الترجمة، وتمام مطابقتها للمترجم في دلالته؛ لأن القرآن ألفاظ عربية خاصة أنزل من عند الله. نعم لو كان تفسير القرآن أو ترجمته يتم بواسطة من يوثق بدينه وعلمه وأمانته وحذقه يسوغ أن يعتبر هذا التفسير أو هذه الترجمة بيانا لما دل عليه القرآن، ومرجعا لما جاء به ولكن لا يعتبر هو القرآن ولا تثبت له أحكامه، فلا يحتج بصيغة عبارته وعموم لفظه وإطلاقه؛ لأن ألفاظه عباراته ليست ألفاظ القرآن ولا عبارته، ولا تصح الصلاة به١ ولا يتعبد بتلاوته.
ومن خواصه أنه منقول بالتواتر أي بطريق النقل الذي يفيد العلم والقطع بصحة الرواية. ويتفرع عن هذا أن بعض القراءات التي تروي بغير طريق التواتر كما يقال: وقرأ بعض الصحابة كذا لا تعد من القرآن ولا تثبت لها أحكامه.
حجيته:
البرهان على أن القرآن حجة على الناس، وأن أحكامه قانون واجب عليهم ابتاعه أنه من عند الله وأنه نقل إليهم عن الله بطريق قطعي لا ريب في صحته، أما البرهان على أنه من عند الله فهو إعجازه الناس عن أن يأتوا بمثله.
معنى الإعجاز وأركانه:
الإعجاز: معناه في اللغة العربية نسبة العجز إلى الغير وإثباته له، يقال: أعجز الرجل أخاه إذا أثبت عجزه عن شيء. وأعجز القرآن الناس أثبت عجزهم عن أن يأتوا بمثله.
ولا يتحقق الإعجاز أي إثبات العجز للغير إلا إذا توافرت أمور ثلاثة:
الأول: التحدي، أي طلب المبادرة والمعارضة، والثاني: أن يوجد المقتضي الذي يدفع المتحدي إلى المبادرة والمنازلة والمعارضة، والثالث أن ينتفي المانع الذي يمنعه من هذه المبادرة.
١ وما نقل عن الإمام أبي حنيفة من أنه جوز قراءة القرآن في الصلاة بالفارسية لا يدل على أن الترجمة قرآة، وتثبت له أحكامه؛ لأن أبا حنيفة إنما جوز قراءة بالفارسية في الصلاة لمن لا يعرف العربية ولا يقدر على القراءة بها؛ لأنه في هذه الحال سقط عنه فرض القراءة للقرآن، فإذا قرأ بلغته فهو ذكر الله ولا مانع مه. وقد روي أن أبا حنيفة رجع عن هذا، وروي ما ذهب إليه سائر الأئمة من أن العاجز عن النطق بالعربية يصلي ساكتا، ولا يكلف بقراءة القرآن إذ لا تكليف إلا بمقدور كما يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام.