للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والواجب المؤقت إذا كان وقته الذي وقته الشارع به يسعه وحده، ويسع غيره من جنسه سمي هذا الوقت موسعا وظرفا. وإن كان وقته الذي وقته الشارع يسعه، ولا يسع غيره من جنسه سمي هذا الوقت مضيقا ومعيارا. فالأول كوقت صلاة الظهر مثلا، فهو وقت موسع يسع أداء الظهر وأداء أي صلاة أخرى، وللمكلف أن يؤدي الظهر في أي جزء منه. والثاني كشهر رمضان فهو مضيق لا يسع إلا صوم رمضان.

وإذا كان وقته لا يسع غيره من جهة ويسعه من جهة أخرى سمي الوقت ذا الشبهين كالحج، لا يسع وقته وهو أشهر الحج غيره من جهة أن المكلف لا يؤدي في العام إلا حجا واحدا، ويسع غيره من جهة أن مناسك الحج لا تستغرق كل أشهره.

ومما يتفرع على تقسيم الواجب المؤقت إلى واجب موسع وقته، وواجب وقته ذو شبهين: أن الواجب الموسع وقته يجب على المكلف أن يعينه بالنية حين أدائه في وقته؛ لأنه إذا لم ينوه بالتعين لا يتعين أنه أدى الواجب المعين إذ الوقت يسعه وغيره، فإذا صلى في وقت الظهر أربع ركعات فإن نوى بها أداء واجب الظهر كان أداء له، وإذا لم ينو بها أداء واجب الظهر لم تكن صلاته أداء له، ولو نوى التطوع كانت صلاته تطوعا.

وأما الواجب المضيق وقته فلا يجب على المكلف أن يعينه بالنية حين أدائه في وقته؛ لأن الوقت معيار له لا يسع غيره من جنسه فبمجرد النية ينصرف ما نواه إلى الواجب، فإذا نوى في شهر رمضان الصيام مطلقا، ولم يعين بالنية الصيام المفروض انصرف صيامه إلى الصيام المفروض، ولو نوى التطوع لم يكن صومه تطوعا بل كان المفروض؛ لأن الشهر لا يسع صوما غيره. وأما الواجب المؤقت بوقت ذي شبهين، فإذا أطلق المكلف النية نصرفت إلى الواجب؛ لأن الظاهر من حال المكلف أنه يبدأ بما يجب عليه قبل أن يتطوع، فهو في هذا كالمضيق، وإذا نوى التطوع كان تطوعا؛ لأنه صرح بنية ما يسعه الوقت، وبما يخالف الظاهر من حاله وهو في هذا كالموسع.

ومما يتفرع على تقسيم الواجب إلى مؤقت ومطلق عن التوقيت، أن الواجب المعين وقته، يأثم المكلف بتأخيره عن وقته بغير عذر؛ لأن الواجب المؤقت هو واجبان: فعل الواجب وفعله في وقته، فمن فعل الواجب بعد وقته، فقد فعل أحد

<<  <   >  >>