للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرد: ٨ - أثر ابن عباس هذا اسناده كالآتى: قال ابن اسحق حدثنا محمد بن أبى محمد حدثنا عكرمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن يهوداً كانوا يقولون ....

وفى اسناد هذا الحديث محمد بن أبى محمد مولى زيد بن ثابت قال الحافظ ابن حجر: {مجهول تفرد عنه ابن اسحاق، وقال الذهبى: لا يُعرف} (تقريب التهذيب، تهذيب التهذيب)

والراوى عنه هنا هو ابن اسحاق والذى تفرد بالرواية عنه، قال يعقوب بن شَيْبَة: سمعتُ محمد بن عبد الله بن نُمَيْر وذُكِرَ ابن إسحاق فقال: إذا حدث عن من سَمِعَ منه من المعروفين فهو حسن الحديث صَدُوق، وإنما أُتي من انه يُحَدّث عن المجهولين أحاديث باطلة. (تهذيب الكمال)

- لاحظ قول ابن عباس - رضى الله عنهما - أن يهوداً كانوا يقولون. وكفى.

٩-أما قولك رواه أبو هريرة موقوفاً وله حكم الرفع، فأنى لك هذا؟ ثم أنى لك هذا؟

فإن الحقب مختلف فى تحديده وتفسيره، فلماذا تأخذ قولاً دون غيره، فإن هذا تحكم بلا دليل، فقد حكى القرطبى ثمانية أقوال فى تفسير الحقب، وقال أن الأرجح منها هو معنى انها: أزماناً ودهوراً، وحكى الطبرى فى تفسيره ثلاثة أقوال، وحكى ابن كثير سبعة أقوال.

قال القرطبى ((١) فى تفسير قوله تعالى: {لاّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً} أي ماكثين في النار ما دامت الأحقاب، وهي لا تنقطع، فكلما مضى حُقُب جاء حُقُب. والحُقُب بضمتين: الدهر والأحقاب الدهور. والحِقْبة بالكسر: السّنة والجمع حِقَب قال متمم بن نُويرة التميمي:

وكنا كنَدْمانَيْ جَذيمة حِقبةًمِن الدّهرِ حتى قيل لنْ يتصدّعَا

فلما تفرّقنا كأنّي ومالِكاً لِطولِ اجتماعٍ لم نبِتْ ليلة معَاً

والحُقُب بالضم والسكون: ثمانون سنة. وقيل: أكثر من ذلك وأقل، على ما يأتي، والجمع: أحقاب. .. ثم قال:

والحُقُبُ: ثمانون سنة في قول ابن عمر وابن مُحَيصن وأبي هريرة، والسنة ثلثمائة يوم وستون يوماً، واليوم ألف سنة من أيام الدنيا قاله ابن عباس. وروى ابن عمر هذا مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أبو هريرة: والسنة ثلثمائة يوم وستون يوماً كل يوم مثل أيام الدنيا. وعن ابن عمر أيضاً: الحُقُب: أربعون سنة. السّدّيّ: سبعون سنة. وقيل: انه ألف شهر. رواه أبو أمامة مرفوعاً. بشير بن كعب: ثلثمائة سنة. الحسن: الأحقاب لا يَدرِي أحدكم هي، ولكن ذكروا انها مائة حُقُب، والحُقُب الواحد منها سبعون ألف سنة، اليوم منها كألف سنة مما تعدون. وعن أبي أمامة أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الحُقُب الواحد ثلاثون ألفَ سنة» ذكره المهدويّ. والأوّل الماورديّ. وقال قُطرب: هو الدهر الطويل غير المحدود. وقال ابن عمر رضي الله عنه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله لا يخرُج من النار من دخلها حتى يكون فيها أحقاباً، الحُقُب بضع وثمانون سنة، والسنة ثلثمائة وستون يوماً، كلّ يوم ألفُ سنة مما تَعُدّون، فلا يتكلنّ أحدكم على انه يخرج من النار» . ذكره الثعلَبيّ. القُرظيّ: الأحقاب: ثلاثة وأربعون حُقُباً كل حُقُب سبعون خَريفاً، كل خريف سبعمائةِ سنة، كل سنة ثلثمائة وستون يوماً، كل يوم ألف سنة.

قلت: هذه أقوال متعارضة، والتحديد في الاَية للخلود، يحتاج إلى توقيف يقطَع العُذْر، وليس ذلك بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما المعنى ـ والله أعلم ـ ما ذكرناه أوّلاً أي لابثين فيها أزماناً ودهوراً، كلما مضى زمن يعقبه زمن، ودهر يعقبه دهر، هكذا أبد الاَبدين من غير انقطاع. وقال ابن كَيْسان: معنى {لاّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً} لا غاية لها انتهاء، فكانه قال أبداً.

وقال الطبرى فى تفسير قوله تعالى: {لاّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً}

وأما الأحقاب فجمع حُقْب، والحِقَب: جمع حِقْبة، كما قال الشاعر:

عِشْنا كَنَدْمانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةًمِنَ الدّهْرِ حتى قيلَ لَنْ نَتَصَدّعا

فهذه جمعها حِقَب، ومن الأحقاب التي جمعها حُقُب قول الله: {أوْ أمْضِيَ حُقُبا} فهذا واحد الأحقاب.

وقد اختلف أهل التأويل في مبلغ مدة الحُقُب، فقال بعضهم: مدة ثلاث مئة سنة. ذكر من قال ذلك:

٢٧٨٦٩ـ حدثنا عمران بن موسى القزاز، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا إسحاق بن سُويد، عن بشير بن كعب، في قوله: لابِثِينَ فِيها أحْقابا قال: بلغني أن الحُقُب ثلاث مئة سنة، كلّ سنة ثلاث مئة وستون يوما، كل يوم ألف سنة.

وقال آخرون: بل مدة الحُقْب الواحد: ثمانون سنة. ذكر من قال ذلك:


(١) تم نقل ماجاء فى تفاسير القرطبى والطبرى وابن كثير بواسطة برنامج (القرآن الكريم - نحو موسوعة شاملة للتلاوة والتفاسير) وكذا بعض ما نقلناه من تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب والتقريب والبخارى وفتح البارى بواسطة برنامج (مكتبة الحديث الشريف - نحو موسوعة شاملة للسنة النبوية الشريفة) من إصدار شركة العريس للكمبيوتر، مع تصحيح ما فيها من الأخطاء المطبعية.

<<  <   >  >>