فظهر بذلك أنه لا طريق يوصل إلى التقرب إلى الله تعالى، وولايته، ومحبته سوى طاعته التي شرعها على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فمن ادعى ولاية الله، والتقرب إليه، ومحبته بغير هذه الطريق، تبين أنه كاذب في دعواه، كما كان المشركون يتقربون إلى الله تعالى بعبادة مَن يعبدونه مِن دونه، كما حكى الله عنهم أنهم قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، وكما حكى عن اليهود والنصارى أنهم قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨] مع إصرارهم على تكذيب رسله، وارتكاب نواهيه، وترك فرائضه» اهـ بتصرف واختصار. (٢) قال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (٢/ ٣٤٥): «المراد بهذا: أن من اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ثم بالنوافل، قربه إليه، ورقاه من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان، فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة كأنه يراه، فيمتلئ قلبه بمعرفة الله تعالى ومحبته، وعظمته وخوفه ومهابته وإجلاله والأنس به والشوق إليه، حتى يصير هذا الذي في قلبه من المعرفة مشاهدًا له بعين البصيرة. ولا يزال هذا الذي في قلوب المحبين المقربين يقوى حتى تمتلئ قلوبهم به، فلا يبقى في قلوبهم غيره، ولا تستطيع جوارحهم أن تنبعث إلا بموافقة ما في قلوبهم. فمتى امتلأ القلب بعظمة الله تعالى، محا ذلك من القلب كل ما سواه، ولم يبق للعبد شيء من نفسه وهواه، ولا إرادة إلا لما يريده منه مولاه، فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره، ولا يتحرك إلا بأمره، فإن نطق نطق بالله، وإن سمع سمع به، وإن نظر نظر به، وإن بطش بطش به. ومن أشار إلى غير هذا فإنما يشير إلى الإلحاد من الحلول، أو الاتحاد، والله ورسوله بريئان منه» اهـ باختصار.