ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام فلم يردّها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراد وقضى بها لثقيف وقنع ظبيان بن كدادة وأنشأ يقول:
أشهد بالبيت العتيق وبالصّفا ... شهادة من إحسانه يتقبّل
بأنك محمود علينا مبارك ... وفيّ أمين صادق القول مرسل
أتيت بنور يستضاء بمثله ... ولا عيب في القول الّذي يتنخّل
عليك قبول من إلا هي وخالقي ... وسيماء حقّ سعيها متقبّل
حلفت يميناً بالمحجّب بيته ... يمين امرء بالقول لا يتنحّل
بأنّك قسطاس البريّة كلّها ... وميزان عدل ما أقام المشلّل
جبل، ودخل هذا الكلام في كتاب الإكليل مفسراً فاغفلنا تفسيره في هذا الموضع.
ذكر أجزاء جزيرة العرب العلية التي هي من اليمن والحجاز مع حدود اليمامة وعروضها، قال أبو الحسن الخزاعي وكان يسكن بأرض نجد العليا وتوطن عروضها وخالط أهل السراة وسمع من الجميع صدراً من الأخبار القديمة قالوا: أصاب الناس أزمة شديدة مكثوا سنةً جرداء وسموها سنة الجمود لجمود الرياح فيها وانقطاع الأمطار وذهاب الماشية وهزالها وثبات الغلاء وقلة الأطعمة وتصرم المياه في الأودية والآبار، ويسمى مثل هذه السّنة الحطمة والأزمة واللّزبة والمجاعة والرّمد وكحل والقصر والشدّة والحاجز، فأقبل الناس بالضّجّة والعواء والتّضرع إلى بيت الله الحرام من أرض نجد واكناف الحجاز وارض تهامة والسروات يدعون الله عز وجل بالفرج لهم ويستسقون وكان في الوفد المستسقين من أهل نجد شاعر يقال له الحزازة العامري أنشد شعراً يذكر آلاء الله عز وجل فيه ورحمته التي كانت تشملهم وتشمل أرضهم بلدا بلدا وواديا واديا وجبل جبلا فقال:
ربّ ندعوك فاستجب فيك الدّهر عن الخلق تكشف الغمّاء
إنّ أيّوب حين ناداك لم يحجب لأيّوب ربّ عنك النّداء