وصف من جزيرة العرب مسافة أربعة وعشرين يوماً بشعر طبعي ونشر بصفة الإبل والفلوات سوى أحمد بن عيسى الرّداعي رحمه الله من خولان العالية، وكان يسكن برادع من أرض اليمن ومنها وصف البلاد إلى مكة على محجة صنعاء في أرض نجد العليا، وقد سمعت لرجل من البصريين شيئاً في صفة طريق البصرة غير مرتضى بل ضعيفا، وكان أبو يوسف ابن أبي فضالة الأبناري جد أبي يوسف الذي كان في زمن محمد بن يعفر قال في محجة صنعاء شعراً أرجوزة ضعيفة فاهتجرت وأذيلت حتى درست وفقد من ينشدها غير الأبيات التي لا قوة بها ولا طبع، وكان كثير من أهل صنعاء لا سيما الأبناء قد غيروا في قصيدة الرداعي أشياء، نفاسة وحسدا فلم يكن بصنعاء له نسخة على الإستواء، فلم أزل ألتمس صحتها حتى سمعتها من أحمد بن محمد بن عبيد من بني ليف من الفرس، وكان لا يدخل في عصبية ولا يلت أحداً حقه، وكان آل ليف فرقتين فرقة تسكن برواع وفرقة بصنعاء، فقال لي: روانيها أحمد بن عيسى برداع عشرة أبيات، عشرة أبيات حتى حفظتها وأنا حدث فلن تزل عني وهي على ما سمعت بجميع لغاته إلا ما كان منها معيباً من جهة الاضطرار ولا فائدة فيه فقد ثقفته واصلحته، وفسرت منها ما لم يسقط إلى العامة لغته وهذه الأرجوزة فردة في فنها إلا أن يقفوها قاف مجيد وشاعر مفلق وقد كان له سواها شعر لا بأس به: