وقال أبو ذؤيب يصف غيثا:
سقى أمَّ عمرو كلَّ آخر ليلة ... حناتم سود ماؤهنَّ ثجيج
شربن ببحر الرُّوم ثم تنصّبت ... ذرى فردات رعدهيّ نتيج
إذا حن يوما واستوى فوق بلدة ... تولى واثباج الحقول تموج
يضيء سناه ريقاً متكشفا ... أغر كمصباح اليهود خلوج
كما نور المصباح للعجم أمرهم ... بعيد رقاد النائمين عريج
أرقت له ذات العشاء كأنه ... مخاريق يدعى تحتهن خريج
تكركره نجديَّة وتمدُّد ... مسفسفة فوق التراب دروج
له هيدب يعلو الإكام وهيدب ... مسفُّ بأذناب التلاع خليج
علاجيمة غرقى رواء كأنها ... قيان شروب رجعهن نشيج
كأن ثقال المزن بين تضارع ... وشابة برك من جذام لبيج
لكل مسيل من تهامة بعدما ... تقطع أقران السحاب عجيج
وقال ساعدة بن جؤية يصف مطرا:
فسقاك ذو حمل كأن وميضه ... غاب تشيمه حريق مثقب
ساج تجرم في البضيع ثمانيا ... يلوي يعيقات البحار ويجنب
حتى ترى عمقا ورجَّع فوقه ... رعد كما هدر الفنيق المصعب
لمارأى نعمان حل بكرفيء ... فئة كما لبخ النزول الأركب
فالسِّدر مختلج فأنزل طافياً ... ما بين عين إلى نباتا الأثأب
والدوم من سعيا وحلية منزل ... والدوم جاء به الشجون فعليب
م انتمى بصرى وأصبح جالساً ... منه لنجد طابق متغرِّب
وقال ابن الرقاع يصف غيثا:
وصاحب غير نكس قد نشأت به ... من نومه وهو فيه ممهد أنق
فقمت أخبره بالغيث لم أره ... والبرق إذبال محرور له أرق
مزن تسبَّح في ريح شآمية ... مكلل بعماء الماء منتطق
ثم اكفهر شريقي اللوى وأوى ... إلى تواليه من سفاره رفق
تربص الليل حتى قل سائمه ... على الرُّويشدأو خرجائه يدق
حتى إذاالمنظر الغربي جاردها ... من حمرة الشمس لما اغتالها الأفق
ألقى على ذات أجفار كلاكله ... وشبّ نيرانه وانجاب يأتلق
وقال أيضاً:
ياشوق مابك يوم بان حدوجها ... من ذي المويقع غدوة فرآها
وكأن نخلا من مطيطة ثاويا ... بالكمع بين قرارها وحجاها
فوق الجمال إذا دنين لسابق ... أنزلن آخر ريِّحا فحداها
وجعلن محمل ذي السلاح مجنة ... نهي اليتيمة وافترشن لواها
وصرفن من وادي أتيدة بعد ما ... بدت الخميلة فاحزأل صواها
قرية حبل المقيظ وأهلها ... بحسى مآب ترى قصور قراها
واحتل أهلك ذا القتود وعروا ... فالصّحصحان فأين منك نواها
وقال أيضاً:
فقلت لها كيف اهتديت ودوننا ... دلوك وأشراف الجبال الظواهر
وجيحان جيحان الجيوش والس ... وحزم خزازي والشعوب القواسر
وقال ابن مقبل يصف غيثاً:
تأمل خليلي هل ترى ضوء بارق ... يمان مرته ريح نجد ففتراً
مرته الصَّبا بالغور غور تهامة ... فلما ونت عنه بشعفين أمطرا
يمانية تمري الرباب كأنه ... رئال نعام بيضه قد تكسرَّا
وطبّق لبوان القبائل بعدما ... كسى الوزن من صفوان صفواً وأكدرا
فأمسى يحطّ المعصمات حبيُّه ... وأصبح زيَّاف الغمامة أقمرا
كأن به بين الطراة ورهوة ... وناصفة السوبان غابا مسعّرا
فغادر ملحوبا تمشَّى ضبابه ... عباهيل لم يترك لها السيل محجرا
أقام بشطآن الركاء وراكس ... إذا غرق ابن الماء في الوبل بربرا
أناخ برمل الكومخين إناخة ال ... يماني قلاصاً حطّ عنهن أكورا
في هذه مما ذكرته العرب من أوطانها كفاية، فمن أحب أن يستقصي فيه فليتبع صفات العرب لمواقع الغيث وموارد حمير الوحش، فهذان الفنان يجمعان أكثر مياه العرب وأوطانها ولا نعلم أحداً