للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا، فهذا أيضًا من أعظم ما تلبس به على الجهال … ».

إلى أن قال: «ومعلوم أن أهل أرضنا وأرض الحجاز الذي ينكر البعث منهم أكثر مِمن يقر به، والذي يعرف الدين أقل مِمن لا يعرفه … » (١).

وهذا في الحقيقة وصف للحال التي كان عليها الناس في الجزيرة في ذلك الزمان؛ بسبب ما ساد الناس من جهلٍ كبيرٍ في تلك الفترة على ما هو معلوم، والشيخ أعرف بحال مجتمعه وأهل زمانه من هذا المتعالم المتجرئ.

وفي كلام الشيخ ما يدل على أن إنكار الكثير منهم للبعث إنما هو بسبب الجهل بالدين كما هو ظاهر من قوله: «والذي يعرف الدين أقل مِمن لا يعرفه … ».

وهذا لا يعني أن الشيخ يكفر هؤلاء، بل تقدم في كلامه السابق أنه يعذر الجاهل، ولا يكفر إلا بعد قيام الحجة، ومن ذلك قوله: «وأما التكفير، فأنا أكفر مَنْ عرف دين الرسول، ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه، وعادى مَنْ فعله، فهذا الذي أكفر، وأكثر الأمة -ولله الحمد- ليسوا كذلك» (٢).

فهذا نص صريح من الشيخ ينبغِي أن يفسر به النص السابق؛ فقوله في النص السابق: «والذي يعرف الدين أقل مِمن لا يعرفه»، قد بين في النص الثاني أنه لا يكفرهم بقوله: «أنا أكفر مَنْ عرف دين الرسول، ثم بعدما عرفه سبه، ونهى الناس عنه، وعادى مَنْ فعله»، ثم بين «أن أكثر الأمة ليسوا كذلك».

فتأمل أيها القارئ بتر هذا الكاتب للكلام وعدم ذكره مناسبته وملابساته،


(١) الدرر السنية (١٠/ ٤٢ - ٤٣).
(٢) مؤلفات الشيخ (٣/ ٨٨)، والدرر السنية (١/ ٨٢ - ٨٣).

<<  <   >  >>