للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهي عنها شرعًا، هذا إذا أردنا المصارحة، أما إن أردنا المجاملة فهناك كلام آخر».

[وجوابه على هذا من صريح السنة]

فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله عن النبِي أنه قال: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم» (١).

فتأمل أيها القارئ نكتة لطيفة تظهر بالتنظير بين ما أخبر به النبِي في هذا الحديث، من أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، وبين يأس المالكي من أن يوجد من أهل هذه البلاد مَنْ يحقق رغبته في تأليف مقررات التوحيد على نهج يخالف عقيدة التوحيد، ويقرر الشرك والبدع والضلال؛ ولهذا يطالب بأن يتولى تأليفها جهات خارجية من أقرانه من أهل البدع!

ولا عجب من هذا التشابه؛ بل لا يبعد أن يكون من وحي الشيطان لهذا الضال؛ فإن الشيطان يوحي إلى أوليائه من دعاة الضلال والفتنة بما هو متقرر عنده.

يقول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ١١٢].

قال قتادة في تفسير هذه الآية: «من الجن شياطين، ومن الإنس شياطين، يوحي بعضهم إلى بعض» (٢).


(١) أخرجه مسلم (٤/ ٢١٦٦) (ح ٢٨١٢).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٥/ ٣١٥).

<<  <   >  >>