للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما تفريقه بين سؤال النبِي الشفاعة، وبين سؤاله المغفرة والرحمة وادعاؤه أن الأول ليس بشركٍ: فغير صحيحٍ؛ وذلك أن سؤال النبِي الاستشفاع عند الله إما أن يكون في حياته أو بعد مماته:

فإن كان في حياته فجائز، كما طلب بعض أصحابه منه الدعاء في حياته، فلم ينكر ذلك عليهم؛ بل دعا لبعضهم كما دعا للأعمى أن يرد الله بصره فرده الله عليه (١).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأما دعاؤه وشفاعته في الدنيا فلم ينكره أحدٌ من أهل القبلة» (٢).

ويقول أيضًا: «لكن هذا الاستسقاء والاستشفاع والتوسل به وبغيره كان يكون في حياته، بمعنَى أنهم يطلبون منه الدعاء فيدعو لهم، فكان توسلهم بدعائه والاستشفاع به طلب شفاعته، والشفاعة دعاء» (٣).

وأما طلب الشفاعة من النبِي وغيره من الصالحين بعد موتهم: فهذا شرك.

يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٥ - ٦].


(١) أخرجه أحمد ٢٨ (/ ٤٧٨)، (ح ١٧٢٤٠)، والترمذي (٥/ ٥٦٨)، (ح ٣٥٧٦)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح غريب»، وابن ماجه (١/ ٤٤١)، (ح ١٣٨٥ هـ)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (١/ ٢٣٢)، وقال محققو المسند: «إسناده صحيح».
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص ٢٧).
(٣) المصدر نفسه (ص ٢٥١).

<<  <   >  >>