للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصوص على هذا دلالة صريحة لا يمكن دفعها.

على أن أهل السنة وإن كانوا يعتقدون أن الدعاء وغيره من أنواع العبادات الأخرى إذا صرفت لغير الله أنها شرك أكبر مخرج من الملة، إلا أنهم لا يعتقدون أن مَنْ ارتكب شيئًا من ذلك من المعينين يكون كافرًا حتى تقوم عليه الحجة، وتتحقق فيه شروط التكفير وتنتفي موانعه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «والتحقيق في هذا: أن القول قد يكون كفرًا كمقالات الجهمية الذين قالوا: إن الله لا يتكلم، ولا يُرَى في الآخرة، ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر، فيطلق القول بتكفير القائل، كما قال السلف مَنْ قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر، ومَن قال: إن الله لا يُرَى في الآخرة؛ فهو كافر، ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة» (١).

ويقول : «فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدًا من الأموات؛ لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لِميتٍ ولا لغير ميتٍ ونحو ذلك.

بل نعلم أنه نَهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثيرٍ من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول مما يخالفه» (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٦١٧).
(٢) كتاب الاستغاثة (٢/ ٧٣٠).

<<  <   >  >>