للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبر الله تعالى أنه لا أضل مِمن دعا مَنْ لا يستجيب له وهو غافل عن دعائه، وهذا هو حال الأموات، ثم سَمى هذا الدعاء عبادة في قوله: ﴿بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾، فدل على أنه شرك.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن : «نفى سبحانه أن يكون أحدٌ أضل مِمن يدعو غيره، وأخبر أنه لا يستجيب له ما طلب منه إلى يوم القيامة، والآية تعم كل مَنْ يُدعَى من دون الله كما قال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء: ٥٦].

وفي هذه الآية أخبر أنه لا يستجيب، وأنه غافل عن داعيه: ﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾» (١).

ويقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ [فاطر: ١٣ - ١٤]. فَسَمى الله تعالى دعاء الأنداد من دونه شركًا.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: «فتبين أن دعوة غير الله شرك» (٢).

والآية تضمنت بيان فقر كل المدعوين من دونه بما فيهم الأنبياء والصالحون، وعجزهم عن نفع أنفسهم أو غيرهم، ومن هنا يظهر عدم استحقاقهم للدعاء.

يقول الشيخ سليمان بن عبد الله: «حاصل كلام المفسرين كابن كثير وغيره، أنه تعالى يخبر عن حال المدعوين من دونه، من الملائكة، والأنبياء، والأصنام،


(١) فتح المجيد (ص ١٦٧).
(٢) المرجع السابق (ص ١٧٦).

<<  <   >  >>