للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوابه من عدة أوجه:

الوجه الأول: أن سوء الظن إنما يحرم في حق أهل الصلاح والاستقامة الذين لا يظهر منهم إلا الخير؛ فإساءة الظن بهم محرمة، وأما أهل الفساد والزيغ فلم نؤمر بحسن الظن بهم، بل يحكم عليهم بما ظهر منهم.

قال الزجاج في تفسير قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]: «هو أن يُظن بأهل الخير سوءًا؛ فأما أهل السوء والفسق، فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم» (١).

وقال القاضي أبو يعلى: «هذه الآية تدل على أنه لم ينه عن جميع الظن» (٢).

وقال القرطبِي: «وأكثر العلماء على أن الظن القبيح بِمَنْ ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بِمَنْ ظاهره القبح. قاله المهدوي» (٣).

فهل المالكي مِمن أظهر الخير والصلاح، أم الشر والزيغ والضلال؟

لعل في النقول السابقة عنه إجابة شافية عن هذا.

الوجه الثاني: أن الكاتب هنا مع مطالبته بترك سوء الظن بِمَنْ نقد مقررات التوحيد … ، قد أساء الظن بتحذيره من سوء الظن به، والتشكيك في نقده والاستعداء عليه قبل وقوعه؛ فإنه لا يَعلم قبل خروج كتابه هل يقبل نقده أم يرد؟ فهو في الوقت الذي يحذر من سوء الظن به يسيء الظن بالناس.


(١) تفسير ابن الجوزي (٧/ ٤٦٩).
(٢) المصدر نفسه (٧/ ٤٦٩).
(٣) تفسير القرطبِي (١٦/ ٣١٦).

<<  <   >  >>