للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول ملا علي قاري: «إن أول ما يؤمر به العبد: علم التوحيد، الذي هو عبارة عن الإيمان والتصديق والإقرار على وجه التحقيق، إما حقيقة وإما حكمًا (١)» (٢).

فهذه عبارات العلماء المصنفين في مصطلحات الفنون من أهل السنة وغيرهم، وبعضهم من أهل الكلام -الذين يعظمهم المالكي- يقررون فيها إطلاق (علم التوحيد) على علم أصول الدين، وكل مسائل الاعتقاد، فهل هؤلاء أيضًا جهلة بمعاني الألفاظ عند المالكي فيلحقهم بعلماء هذا البلاد، أم له رأي آخر؟!!

الجانب الرابع: أنا لو سلمنا جدلًا عدم دخول مباحث العقيدة وأصول الدين في مُسَمى (التوحيد)، فإن التوحيد بلا شك جزء منها، بل هو أعظم أجزائها، وإطلاق الجزء على الكل سائغ في لغة العرب، بل جاءت به النصوص الشرعية.

ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٢].

قال ابن عباس وقتادة والطبري وغيرهم من المفسرين: «أي: صلوا له بكرة: صلاة الصبح، وعشيًّا: صلاة العصر» (٣). فَسَمى الله الصلاة تسبيحًا.

قال الألوسي: «وعن ابن عباس: أن التسبيح: الصلاة، أي: بإطلاق الجزء على الكل» (٤).


(١) تعريف الإيمان في الشرع بالتصديق والإقرار، هو قول المرجئة ومَن تأثر بهم، وأهل السنة يقولون: هو اعتقادٌ وقولٌ وعملٌ.
(٢) الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص ٣١، ٣٢).
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٠/ ٣٠٦)، وفتح القدير (ص ١٣٧٣).
(٤) روح المعاني (٢١/ ٣٠١).

<<  <   >  >>